عرض مشاركة واحدة
قديم 14/05/2008, 08:16 AM   #8
سودة الكنوي
شاعرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية سودة الكنوي
افتراضي

الأسعد سليمان..
بالعودة لنصوصك الساخرة التي أصابت الصميم بلغة جميلة و ثقافة واضحة لا يختلف عليها اثنان..
نجد أن المشكلة يا أخا الحرف أن القضية لم تتوقف عند رديء الشعر و سخيفه فحسب
فهذا النوع لابد أن يظهر في كل عصر من العصور الأدبية مع تفاوت مستوياته
إلى السوء اطّراداً..
فهذا اللون من الشعر التافه الأجوف الذي يحترفه مقترفوه فقط للحصول على لقب شاعر
و كلما زدت في الابهام و الإيغال في الغموض كلما زادت جودة شعرك الحديث في نظر
أصحاب النظرة السطحية للمعنى الأصيل للقصيدة..
أولئك الذين يجيدون رصف الكلمات، الكلمة بجانب الكلمة دون النظر إلى بناء معنى مستفاد
هذا الصنف المهتريء لابد أن يظهر في كل عصر ليُظهر
جودة الشعر الأصيل و اللغة الرفيعة، فــ (الضد يظهر حسنه الضدُّ) فهؤلاء
الذين يمارسون شقشقة اللسان سعياً وراء بريق المسميات، يخدمون الشعر الجيد و يحسنون إليه
من حيث أرادوا الإساءة، فلا بدَّ أن يظهر (ليَمِيزَ الله الخبيث من الطيب)

أقول القضية لم تقف عند الشعر الذي ليس بشعر، بل تعدتها إلى المصيبة العظمى و هي ما تسلل
إلى الأدب العربي الأصيل وسرى كما يسري السم في الجسد ألا وهو
الطامة الكبرى المعروفة بــ (شعر الحداثة) ذلك الشعر الدخيل على العربية
فكلمة (الحداثة) ليست كلمة عربية الأصل، بل مأخوذة أو مترجمة أو معربة
من كلمة ( modernisam) ويعني مذهبا أدبيا بل نظرية فكرية
لا تستهدف الحركة الإبداعية وحدها بل تدعوا إلى التمرد على الواقع بكل جوانبه
السياسية والاجتماعية والاقتصادية فهي لا تخص مجالات الإبداع الفني
أو النقد الادبي ولكنها تعم الإنسانية في مجالاتها المادية والفكرية على السواء..
و الغرض من نشوء هذا الشعر معروف و قد رأى النور في الغرب
في عصر البروتستانتية (المعارضة) حيث كانت الكنيسة تستعبد العقول و تجمد التفكير
لتسيطر غلى الجسد و الفكر فيكون الشعب و الرعايا مجرد آلات مكانيكية تسيرها
الكنيسة و تحركها كيف تشاء.
و قد ظهر الأدب الحداثي في ذلك العصر لدى الفئة الثائرة الذين تحررت عقولهم من
سطوة الكنيسة-التي لم يرقها بالطبع أن يبرز من يفهم مخططانها و يصحو من التنويم المغناطيسي-
فبدأت تمارس سلطة القمع الذي أدى إلى ظهور الغموض و الرمزية للتعبير عن القضايا
السياسية و الاجتماعية بطريقة مبهمة.
و قد نقل الجيل المثقف الذي درس في الغرب هذه الظاهرة إلى البلاد العربية في القرن
الثالث عشر الهجري- التاسع عشر الميلادي و نشأت على إثرها حروب كلامية و تراشق
بالمقالات اللاذعة بين الجيل المؤصل و الجيل الجديد..
كتلك الحروب التي دارت رحاها بين الرافعي و الدكتور طه حسين
و خير شاهد كتاب (على السفود -للرافعي) وتلاها صراعات محمود شاكر (أبو فهر)
و الدكتور لويس عوض.
و قد هدف المثقفون من هذه الحركة إلى تغريب اللغة و طمس معالمها و التحرر من
ربقة الفصيح و الإغراق في الغموض و الإبهام و المبالغة
في استخدام الألفاظ الرنانة و الإسقاطات..و كثيراُ ما نجدهم قد اجترحوا الشرك و الكفر
و التطاول السافر على الذات الإلهية و التشويه في اأدب الأصيل عامة و الأدب الإسلامي
خاصة و تشويهه و تحريف النصوص،
ليبعدوا الناس عن منهل اللغة العربية العذب في محاولة مستميتة لوأد
جماليات لغة القرآن و بذلك ينصرف الذهن و الفكر عن فهم الدين و استشعار كتاب الله
(القرآن) بل ظهرت محاربة الشعر الكلاسيكي الخليلي و التمرد على الوزن و كسره
و سلب القصيدة بناءها العامودي التقليدي، بل أن مما يسعى إليه الحداثيين سعياً دؤوباً
هو تهميش النصوص الفصيحة الأصيلة و تناوش الشعر الكلاسيكي و افتراسه
بالنقد اللاذع و إبعاده عن جسد الأدب و التصفيق لتلك النصوص العرجاء
و التطبيل لأصحابها و دفعهم بالقوة جبراً إلى دائرة الضوء..
و هكذا أصبح معتنقي التأصيل كالبعير الأجرب في الأوساط الأدبية و المحافل الشعرية
يضربون ضرب غرائب الإبل...

/
/
/
/

للحديث بقية



خارج النص:
(** إيه يا أستاذي ليتك هنا لتقول قولاً فصلاً، سكبت هنا بعضاً مما علمتنيه
و جزءاً يسيراً مما شحذت به ذهني من الفكر النير و ما هذبت به نفسي
و أدبت به عقلي و ثقفت به روحي،،جزاك الله الخير المحض)
سودة الكنوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس