عرض مشاركة واحدة
قديم 19/03/2008, 01:46 AM   #6
سودة الكنوي
شاعرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية سودة الكنوي
افتراضي

يطل علينا الشاعر القدير أحمد البصري بقصيدة عصماء تختال بهاءً و حسناً
تدنو من القاريء المتأمل في جمالها الفاتن و حسنها الأخاذ فتقدم أشهى
الفواكه مما تشتهي الأنفس يتلذذ بها فتبهته الدهشة أمام الطعم الفريد و المرأى الحسن..

نص باذخ تجلت فيه القدرة البيانية و الملكة الشعرية و اللغة الثرية
و المعجمية الغنية..
و حسبنا من القصيدة أبياتها الثمانية الأولى..

فاجأنا الشاعر باستفهام له من الخصوصية في جذب انتباه القاريء ماله
ثم عاجلنا بالإجابة بأبيات صُبت ببراعة في قالب عروضي فاتن لنركب معه لجة(بحر البسيط)
و ما هو ببسيط إلا لدى الفحول..

أنتِ..
مَن أنتِ..؟
.
.
.
فـَـرْحــي ~ فـَـرَوْحـي..
.
.
.
جُـــرحـي..
.
.
.
آهُ آهـــاتي






أنتِ اختلاجـة حُزنـي وابتساماتـي=غِنى اكتفائي ~ وفقري في احتياجاتي
يا كلّ بعضي ~ وبِضع الكلِّ مِن ذاتي=كلّ الذي كان.. بَـل كـلّ الـذي آت
مِن صرخة الطفل ~ لاستشعار لَذّاتي=إلى احتباس شهيقـي باحتضراتـي
أشهى الأباطيل ~ يا أحلى خُرافاتـي=أبهى رؤى اللون ~ في أهنا مناماتي
مرافِئُ الصَّفح ~ إنْ تابت شِراعاتي=فأنتِ آمن عُمـق ضـمَّ مَرساتـي
هـاتـي يـدَ الـعـون يـا نـوَّارَتـي ~ هـاتي

هاتي يدَ العـون ~ نستـدنِ المسافـات=مُدِّي يدَ الوصـل ~ ولنطـوِ المساحـات

جاءت الكتلة الأولى مزدانة بتصريع كل الأبيات مما أكسب الوزن نغما موسيقياً طرِبا
تهش له الأذن و تبش، و يغشى لحنه الروحَ فتنتعش..
لقد ظهرت الصورة الفنية بغزارة لافتة يزينها البديع في أبهى حلله من طباق و مقابلة و جناس..
فتزخرفت بالمحسنات البديعية التي تكشف لمتأمل دلالاتها و استخداماتها
أغراضاً أبعد من كونها محسناً بديعياً فحسب، فهي فن بلاغي و طريقة لأداء المعنى لها قيمتها و أثرها ، كما أن لها
دوراً كبيراً في صقل جمالية الصورة و إبراز المعنى بما فيها من ثنائية و تضاد..

لله أنتَ يا ابن الرافدين!
أستميحك عذراً !
فأنا أخالف الشاعر الدمشقي القباني عندما قال الصمت في حرم الجمال جمال!
فلستُ أجدني في حرم الجمال إلا مستنطقة من قِبل الجمال!
لعلي أسلط الضوء على بعض تلك الجماليات البديعية، التي زخرت بها الأبيات مع قصر باعي و قلة أدواتي:

حزني، ابتساماتي=طباق

غنى اكتفائي، فقري في احتياجاتي= مقابلة

كل بعضي، بضع الكل=مقابلة
بعض، بضع=جناس القلب
الذي كان، الذي آتِ=طباق
صرخة الطفل(بداية الحياة)، احتباس شهيقي باحتضاراتي(نهاية الحياة)=مقابلة

أنا، أنى= جناس لفظي(تلفظي) حيث اختلف ركناه خطاً مع اتحادهما لفظاً
أنا (ضمير المتكلم)
أنى(فعل ماضٍ بمعنى حانَ)...يا سلالالالالام
ومثل ذلك قول الشاعر:

أعذب خلق الله نطقاً و فماً
إن لم يكن أحق بالحسن فمن؟


فماً الأولى (الفم بالتنوين)
فمن الثانية(استفهامية)


ثم تنساب الأبيات رقراقة ينعكس على صفحتها بريق الثراث باستحضار(الغزيلات و شبشب ي ريحان)
ثم تنثال أنات مناجاة (بصرة العز) في ألحانٍ حنانة تتفتق على ضفتيها أزاهير الأمل
بعد أن صوَّح الحزن و البرد أفراح العيد و الطفولة اليتيمة و أيبسها...

يا بَصْرَِة الحُـبِّ ~ لـو تاجـا فيخلَعُنَـا=لكنَّهـا هالـةُ العـشَّـاق ~ مـولاتـي
يا بصرة الشِعر ~ أنَّـى البحـر نعبُـرُه=والـمـوجُ لَـطْـم تفاعـيـل لأنَّــات
أيـن السبـيـل لأشــواقٍ أكتِّمُـهـا=فتُستثـار علـى عصـف اختناقـاتـي
أنَا الغريبُ بـداري ~ والوجـوه ~ أرى=كلَّ الوجوهِ الـتَرى وجهـي ~ غريبـات



أسقيتنا شعراً يا بصري حد الارتواء!


لعلك يا شاعرنا تلقي الضوء على معنى البيت الأخير ليكتمل الجمال


ها قد ركعتُ ~ وما أدري العـذابَ علـى
إكراهِ ديـنِ ~ نـوى رَبُّ السمـاوات..؟



أرجو المعذرة
توقيع :  سودة الكنوي

 تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

اضغط الصورة للتكبير

كَغَيثِ السَّمَا تَحيَا بِهِ كُلُّ بُقعَةٍ=وَتُزهِرُ في إِقبَالِهِ الفَلَوَاتُ
هَمَى حُبُّ عَبدِ اللهِ فِينَا فَأَينَعَت=لَهُ في رُبَى أَفرَاحِنَا الثَّمَرَاتُ
فَكَيفَ أُغَنِّي وَالمعَانِي تَهَدَّمَت=أَمَامَ مَجَارِي سَيلِهَا الكَلِمَاتُ
وَكَيفَ أُوَفِّي مَشهَدَ الحُبِّ وَصفَهُ=وَفِيهِ مَعَانٍ مَا لَهُنَّ صِفَاتُ
فَبَينَ إِمَامِ المسلِمِينَ وَشَعبِهِ=مِنَ الحُبِّ نَوعٌ آخَرٌ وَلُغَاتُ
إِمَامٌ شُعُوبُ الأَرضِ تَحسُدُ شَعبَهُ=عَلَيهِ وَتَستَشرِي بِهَا الحَسَرَاتُ
شعر: أبو الطيب د.محمد بن علي العمري
سودة الكنوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس