مِنْ أمْسِيَاتِ المَاضِي ... |3|
مِنْ أمْسِيَاتِ المَاضِي ... |3| قَبْلَ انْبِلاَجِ الذّكْرى سأغْرِسُ نَفْسِي بِعُذْرِية الحَنِين، وأكْمِلُ سَرْدَ أمْسِيَاتٍ مِنَ المَاضِي مَا بَرِحَتْ تَفَاصِلُهَا تُنَاجِينِي أنْ أكْتُبَهَا هُنَا، فمَا كَانَ منّي إلاَّ أنْ ألَبّي ... كُلّ قِصَصِي تُوّجَتْ بالخُذْلاَنْ حتَّى أدْرَكْتُ أنّ خَيْبَة الأمَلْ رصَاصَةٌ تتَرَصّدُنِي لاَ تُخْطِئ الهَدَفْ، وأنّ أيَّامِي مقْصَلَةُ جَحِيمٍ بَاتَت تُرْعِبُ القَلْبْ، كُنْتُ أشْتَهِي أشْيَاءً جَمِيلَة، أحْلاَمًا صَغِيرَة، ولَكنَّها كَانَتْ بِصِيغَة الفَقْد فلَمْ أنْعَمْ يَوْمًا بِنَشْوَةِ تحْقِيقِها، وكُلّمَا أوْحَت لِي نَفْسِي أنَّ الطَرِيق سيَتبَجّسُ لِي لأمْضِي قُدُمًا تَسْتأسِرُنِي خَيْبةٌ جَدِيدة فَأغْرَقُ فِي شَهْوَةِ البُكَاء بِدَمْعٍ طَاهِرْ وفَمٍ مُشَوَّهٍ بِغِوَايَةِ الصَّمْت. حَاوَلْتُ رَتْقَ الجُرْح، رَكْلَ الحُزْن ورمْي حَفْنة الحَنِين وحتّى الإنْسِلاخْ عَنْ عَقِيدَة الانْتِظَار وسَرْمَدِيَّتِهَا إلاّ أنَّ الحُزْنَ وُلِدَ بَيْنَ يَدَايْ والدَّمْع انْهَمَر مِنْ عَيْنَايْ فَلِمَاذا سأنْتَظرُ مِنَ الأمَلِ أنْ يُقَبّلَ وُجْنَتَايْ، فأنَا خُلِقْتُ للشّقَاءْ للبُكَاءْ لاَ للنّقاءِ والإبَاءْ، مَا عَليّ فِعِلُهُ الآنْ أنْ أتسَلَّحَ بِكُلّ صُنُوف القُوّة لمُوَاجَهَةِ مَا تَبَقّى لِي مِنْ نَوَائِبْ، فقدْ كُنْتُ أدْرأُ مَضَاء الغِيَابْ بِنَفْسٍ مُتَفَائِلة، وأدْفَعُ عنّي قَنَابلَ الشَّوقِ التِي كَانتْ تُصِيب مَمْلَكَة قَلْبِي بِرُوحٍ طُفُولِيّة، حتّى أتَانِي فَيْضٌ مِن أَلَمٍ تَفَجّر أنِينُه وانْهَمَر، بأيْسَرِ الصّدْرِ الذِي تَبَعْثَرَ طُهْرُهُ وانْشَطَرْ، فََمَا كَانَ للأمَلِ بعَيْنِي إلاَ أنْ أفَل بَصِيصُهُ وانِكَسرْ. { تَشَبّثِي بالأَمَلْ واعْزِفِي لَحْنَه، فَلَنْ يَطُولَ الأَلمْ ولَنْ يَقْتُلَنَا خُذْلاَنهُم} كَلِمَاتٌ عَانَقتْ مَسْمعِي كُلّمَا لاَكَ الوَجْدُ بِجَوارِحِي ولاَحَ الحَنِينُ عَلَى أوْتَارِ وَجعِي، كَلِمَاتٌ كَانَتْ لِرُوحِي تِرْيَاقًا أخْرَجَنِي مِنْ دَائِرةِ أشْجَانِي، وأبْعَدَ عنِّي حَشْرَجَات المَوْت وتَرَاتِيل الخُذْلانْ بَيْدَ أنّهَا لَمْ تَكُنْ كَفِيلَةً لتَجْعلَ الأَلمَ يَنْسَلِخُ عَنْ كُلّي. عُرُوقِي تقَطَّعَتْ وهِيَ تَنْزِفُ الخَوْفْ وعُيُونِي توَرَّمَتْ وهِيَ تُجْهِشُ بِسُيُولٍ مَالِحة، وحتّى اللّيْلُ رَفِيق الطُّفُولَةِ والصّبَا بدَا شَقيًّا مَلِيئًا بحَكَايَا الوَهَنْ والوُعُودِ الكَاذِبَة، وهَذَا مَا جَعلَنِي أشْعُرُ بالضُّعفْ بالأرَقْ بالغُرْبَة باللاّ حُبْ بالجُحُودْ جُحُود ضِلْعِهمْ الأيْسَر. لَمْ أشْتَهِي الرّحِيلَ يَوْمًا ولا العَبَث بِسُيُوفِ الغِيَابْ ولاَ حتّى قَطْعِ جِسْر اللّقَاءْ أوْ اقْتِرافِ جُنْحَة البِعَادْ وإنّمَا رَغْبَتِي كَانَتْ أنْ تُصِيبَنِي نَشْوَةُ فَرَح فأكَفْكِفَ عنّي دَمْعِي وأمْسَحَ عَنْ وَجْهِي وَجَعَ الحُزْنِ والغُرْبَة. أوَلاَ أسْتَحِقُّ بَسْمَةً تَرْتَسِمُ عَلَى ثَغْرِي؟! ونُورًا يَشِعُّ مِنْ عُيُونِي بدلاً مِنَ الدُّمُوعْ؟! أمْ أنّنِي فَتاة خُلِقَتْ لِتَعِيشَ تعِيسَة، اقْتَنَتْ مَوْتَهَا مِنْ رُفُوفِ الرّحِيل وهَا هِيَ تُكْمِلُ مَا تبَقّى مِنْ عُمْرِهَا بقَلْبٍ مُتَعَطّشٍ لللاَّ بَقَاءْ. أمْشِي وَحِيدَةً فِي امْتِعَاضِ اللَّيْل، أطّلُ عَلَى الأمِسِ مِنْ شُرْفَةِ اليَومِ فأرَى سَنوَاتٍ مَضَتْ كلَمْحِ البَصَرْ، وأحْلاَم أقْفَلَتْ أبْوابَهَا بوَجْهِ طِفْلةٍ بَرِيئَة وتَرَكَتْهَا لعُمْقِ الوَجَعِ الذِي كَانَ يَحْتَوِيهَا، تتنَفَّسُ أكسْجِينا مَزْكُومًا بِسُمِّ الغِيَابْ ويُدَاعِبُها حُلُمٌ رُسِمَ بخُيُوط الوَهَمْ وكُلُ مَنْ حَوْلَهَا يُرِيدُ أنْ يثْأرَ مِن قَلْبِهَا الطّفُولِيّ حتّى تعَثّرتْ و كُسِرتْ بَسْمَتهَا البَرِيئَة .. فَكَيْف يمْكِنُ للقَدَر أنْ يُغَيّرَ قَلْبًا نابِضًا بكُلّ مَشَاعِر الحُبّ والشّوقِ والحَنَانْ إلَى قَلْبٍ تُعَانِي أمْكِنتُهُ مِنْ جَفَافِ المَشاعِر وبُرُودَتِهَا. فَمَا كَان لتِلْكَ الطّفْلَةِ إلاَّ أنْ تَقْتَنِيَ ثَوْبًا أبْيَضا نَاصِعًا كَلَونِ طُهْر مَشَاعِرِهَا وتَجْعَلُهُ كَفَنًا لكُلّ الأفْرَاحِ التّي ضمَّهَا ذَلكَ القَلْبُ فِي تِلْكَ السّنِينْ. وهَاهِيَ تَبْدَأ حَيَاةً جَدِيدَة أوْ بالأحْرَى مَوْتٌ جَدِيدْ، تُمَارِسُ اللاّمُبالاة وتَمْشِي بِدُونِ حُلُمٍ تَرْنُو لِرَبِيعٍ لا يَأتِي إلاّ بالنّحِيبْ، تَمْشِي مُحَمَّلةً بِجُرُحِ كِبْرِيَاءٍ مُخْتَال، تتعطَّشُ للرّحِيل للقِطَاراتِ التي لا تتْرُكُ خَلْفَهَا سِوى حقَائب فَارِغَة مُكَدّسَة بِدُمُوعِ الغِيَابْ، فالطّفْلَةُ فِيهَا تَرْفُضُ الانْتِمَاءْ تَبْحَثُ عَنِ الفَنَاءْ واللاَّبَقَاءْ. وهَكذَا يَنْتَهِي كُلُّ شَيْء بالسّخَطِ عَلى الأحْلامِ الزّائفة والآمَال الكَاذِبة والأحَاسِيسِ البَاهِتة لتذْهَبَ جَمِيعُهَا صَوْبَ حَاسّة النِسْيَانِ. وتَكْبُرُ الطّفْلَةُ الصّغِيرة لتَصْنَعَ مِنْ ألَمِهَا ووَجَعِهَا ومشَاعِرِهَا المُفْتَقِدَة للدّفْء امْرَأةً مَحْرُوقَة القَلْبِ والجَبِينْ يُبَاغِتُهَا رَنِين الذِكْرَيَات كُلَّمَا طَالَ بِهَا الأنِينْ، امْرَأةً تُشْبِهُنِي لحَدّ كَبِيرْ تَبْحَثُ عَنْ بَلْسَمٍ يُشْفِي قَلبَهَا الضّرِيرْ. تِلْكَ الطّفْلةُ صَنَعَتْ مَجْدًا جَدِيدَة، فَارِغَة مِنَ الجَمَالْ خَالِية مِنَ الأحْلاَم خَاوِية مِنَ الأمْنِيَاتْ، تِلْكَ الطِفْلَة صَنعَتِ الأنَا .. صَنَعَتْ منّي امْرَأة خَائفَة مِمَّا مَضى وممّا قَدْ يَأتِي أوْ لاَ يَأتِي. وهَا هُوَ اللَيْلُ يَنْتَهِي بانْبِثَاقِ أوَّل خَيْطٍ للفَجْر، ومُعَاناتِي تأبَى الانْتِهَاءْ، تُشْعِرُنِي بالضّيقْ بالاخْتِناقِ بمَوْتٍ مَخْتُومٍ بِلَواعِجِ الصَّمْت .. فيَا زمَنْ بالله علَيْكَ كَفَى، كفَاكَ وَجَعًا كَفَاكَ ألَمًا، لَيْتَكَ تَعْلَمُ كَمْ أرْهَقْتَ مَدَامِعِي وحطّمْتَ آمَالِي وأزْهَقْتَ أحْلاَمِي وجَمَّدْتَ مَشَاعِرِي وقَتَلْتَ النّبْضَ دَاخِلِي، ألاَ يَكْفِيكَ كُلّ هَذَا؟! بالله عَلَيْكَ كَفَى. كَفَاكِ يَا مَجْدُ اتّهَامًا للزَّمن إنَّما هُو قدَرُكِ، فَبهِ كُونِي رَاضيَة وللإيمَان بِهِ مُنْتَصِرة ولِقَضاءِ الله مُسْتَسْلِمَة، فمَا عَهِدْتُكِ يَا مَجْدُ إلاَّ امْرأة سَامِقَة أمَام تَبَارِيحِ الوَجَعِ صَامِدَة، فمَازَال بِحَوْزَتِكِ أمَلٌ أخِيرْ وهُوَ بِرَبّكِ كَبِيرْ وبَيْنَ يَدَيْهِ اخْفِقِي بالهِتاف بُكَاءً وتَضَرُّعًا فَتَرْتَاحُ نَفْسُكِ وتَهْتَزُّ عَضَلةُ الفَرَحَ بكِ، كُونِي قَويَّة فثمّة أرْوَاحٌ لاَ تَسْتَطْعِمُ العَيْشَ بدُونِكِ فلأجْلِهِمْ انْزَعِي عَنْكِ ثَوْبَ الحُزْن وكُونِي سَعِيدَة. وإلَى أمْسِيَةٍ أخْرَى ورُبّمَا أخِيرَة مِنْ أمْسِيَاتِ المَاضِي، فقَوَافِلُ الرّحِيلُ تدْنُو منّي وتَقْتَربْ . بِقَلَم: مَجْد الأمَّة كُتِبَتْ يَوْم : 15\01\2010م flwr2 |
: مجد الأمّة دئمًا تزيدينَ الأبجديةَ جمالاً ألف تحيّة لروحك البيضاء.. وفي انتظار أمسية جديدة.. |
راقَ لي في النهايةِ تمامُ الإيمَان و الرضّا .. جمّل اللهُ أيامكِ بالإيمانِ .. يا مَجدْ / إيمَان |
أتدرين !
قضيت اليوم أمسيات صباحية برفقة قملك من الأولى ................... وحتى هذه آلمني وجعك حتى النخاع صبرتُ .... لملمت آلمي أنا الأخرى في رحلة ٍمع بكاء قلمك تأملت ذاك الألم المنسكب جمالا ً وروعة ً أتعلمين ! أجمل كتاباتي التي تأتي من صميم الألم عندما ينزف القلم صارخا ً وقتها يصفق من يصفق على ابداعاتي أو لنقل آلامي القابله للنشر وها أنت أيضا وكأنك ِ تكتبينني يقولون بأن نكهة الآلام تتشابه هل هي كذلك حقا ً !!! . . . لكن النهاية هنا جميلة تبعث الدفء للروح أدام الله السكينة في قلبك وحماك من شر الألم كوني المجد يا مجد :rose:flwr2:rose: |
دائما ً تبهريني بأناقة حرفك ..! :rose: |
تتقنين فنَّ الاستعارات الســــَّــــــاحر يا مجد...
ما أبهى حللكِ البيانية.. أوَلاَ أسْتَحِقُّ بَسْمَةً تَرْتَسِمُ عَلَى ثَغْرِي؟ ... بلى لكنَّ البسمة يا صديقتي تخجلُ من أن تصعد لثغركِ ... فأنتِ حلمٌ بات حتى للبســــــــمات ... يكفيها شرفاً أن تحلمَ بزيارتكِ فقَوَافِلُ الرّحِيلُ تدْنُو منّي وتَقْتَربْ في داخلي لا أحبُّ أن أشعرَ يأساً ولو خفيـــَّـاً لديكِ يا أخية.. فلكِ بداخلي محبَّة خالصة نُـــسجتْ غرزة غرزة , ودعواتٌ صالحاتٌ أبين أن يصمتنَ . الحزن يصنع مستحيل التعبير , ويصنعُ أرغفة خبزٍ تشتهيها أنفسٌ عذاب.. الحزنُ أحياناً يبرزُ الإبداع فينـــا , وحزنكِ يا مجد وإن أحزنني لكنه أزهر إعجابي لكِ ببراعمَ دائمة التفتُّـــح.. أنتظركِ دومـــــــــــاً وأبداً , إلى أن تقبل إحدى قافلتــــيــنا... أطال الله بعمرينا...:) |
يَوْمٌ آخَرْ ،. وَغَرَقٌ فِيْ عِبَابِ أمسياتكِ الْمُتَخمةِ باِلوجعِ فلوتَعلمِين كَمْ أنَّ حَرفُكِ يأسِرني فسُبحان مِنْ هَباكِ البَيانَ سلسبيلاً عَذباً تتلقَفُه القُلوب وتَظل تَنبضُ على عُذوبَتهِ رَغم الوَجَع و و ... ولكنَّ أَسْتَعْطِفُ سُطُورَ المَجد أَنْ تُعانق ضَفَائِر البَهجة وسَأظلُ أَشْهَدُ بَراعِمُ الْحُلمِ بِالبُزوغِ لَكِ الْفَرَح يَا ثَمِيْنَة. |
اقتباس:
خُطَى قَلَم ازْدَان المَكَانُ بحُضُوركِ وتعطَّر نصّي بعطْر أرِيج كَلِمَاتكِ كُوني بالقرب لكِflwr2 |
اقتباس:
إيمان تحيِّة روحانية معطَّرة بالياسمين سعِيدةٌ أنّ كَلِمَاتِي أعْجَبتْكِ وشُكْرًا مِن القَلْب عَلى هكذَا مُرُور لكِ ودّي |
اقتباس:
مَرْيَمْ لطَالَما كَانَت إطْلالتكِ بهيّة تسْلب الألْبَاب عذرا أخيّتِي لِمَا سبَّبتْهُ لكِ حُرُوفِي تحيَّة مُعطّرةٌ باليَاسمِينْ مَجْد |
الساعة الآن 06:42 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها