إملاءات المطر

إملاءات المطر (http://www.emlaat.com/vb/index.php)
-   جدائـل الغيـم (http://www.emlaat.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   مع سبق الاصرار والترصد (http://www.emlaat.com/vb/showthread.php?t=1106)

صبيحة شبر 13/05/2008 01:23 AM

مع سبق الاصرار والترصد
 
مع سبق الإصرار والترصد
القاعة مزدحمة ، الملل من الانتظار والترقب يعلو الوجوه ، العيون متلهفة ، متشوقة ، والناس جالسون في أماكنهم ، يتحدثون بهمس ، نادى الحاجب :
- محكمة
وقف الحاضرون ، وأنا الانسانة الخجولة التي لم تعتد الكلام أمام شخصين
صرت أتلعثم ،كيف لي أن أحسن الدفاع عن قضيتي في هذا المكان ؟ وأمام الخضم الهائل من البشر ؟ كيف يتأتى لي إقناعهم بحججي وان ابرهن على صواب أدلتي
وحولي خصوم عنيد ون يشهد لهم بطول الباع بمثل هذه القضايا ؟
أيها القاضي .... أيها السيدات والسادة ، يامن جربتم الغربة ، وذقتم مرارة الوحدة وسهرتم ليالي طوال ، تتساءلون عن مستقبلكم في هذه الحياة ، حيث لا أليف يقف بجانبكم يشد أزركم ولا حبيب يضمك إلى صدره ، فيجلب لكم الدفء
كنت سعيدة يسكنني السرور ، ويكحل عيني الحبور ، وكان يملأ علي حياتي رضا وسلاما ، أستيقظ في الصباح مسرورة على صوته الجميل ، حيث يوقظني بأعزب الألحان ، ما إن يراني أدخل غرفته حتى يتهلل فرحا ، ويرحب بقدومي ، وجسمه كله ينطق بالسعادة ، كنت أعتني بطعامه وشرابه ، أسعى إلى أرقى الأسواق ، كي أبتاع ما يلذ له وما يطيب من أنواع الطعام ، وأسرع إلى الطبيب ، حين تلم به أولى علامات الوعكات ، اهرع إلى أقرب الصيدليات ، وأنفذ تعليمات الطبيب بكل عناية واهتمام ، كم شاركني سهري في ليالي الشتاء الطويلة ، وكم منحني معنى جديدا لحياتي المجدبة ، أجده وحيدا ، فابحث له عن أنثى تشاركه الحياة ، وتجلب الدفء لحياتنا الباردة ، فكانت دنانير الرقيقة الرفيقة لدربه ، يتناجيان معا ، ويبثان بعضهما لواعج القلوب ، ولكن .... لايمكن للفرحة أن تستمر ، ولا للسرور إلا أن يتحول شقاء ، ومن هنا بدأت نكبتي ، إني أيها الرئيس
وأيها الحاضرون الكرام قد جني على حياتي ، وقضي على مبعث سعادتي ، ووئدت فرحتي ، ما إن حدثت جاري بأمر رفيقي حتى اقترح أن يشاركني فرحتي ، وان يقدم الطعام لصديقي ، فوافقت بعد إلحاح ، فانا طيبة أيها الرئيس لااستاثر بالفرحة ،لكن الجاني لم يبال بما يسبب لي من الآلام ..... لهذا أرجو من سيادتكم ان تعاقبوه على عمله الشنيع ، وعلى اقترافه إثما ، مع سبق الإصرار والترصد ، كي يكون عبرة لغيره
القاضي : ماذا تقول أيها المتهم ؟ أبريء أنت أم مذنب ؟
- أنا بريء يا حضرة القاضي ، أنا بريء ياحضرات المستمعين ، كانت هذه السيدة تحدثني عن ضيفها ، وهي مسرورة بجماله يملؤها الفرح بصوته الفريد وغنائه الشجي ، كانت تجلس الساعات الطوال ، تراقب حركاته ، وتستمع إلى طربه ، كانت تجده صديقا حانيا ، يملأ حياتها بهجة ، وأنا مثلها أيها القاضي أرنو إلى الجمال ،استعذب الاصوات الجميلة ، وتطربني حلاوة الألحان ، كنت اجلس والسيدة تراقب الضيف الحالم الحنون ، وزوجته الناعمة ، وهما يتحركان برشاقة ليس لها مثيل ، في السكن الصغير الذي منحتهما إياه جارتي ، أنا أيضا وجدت سعادتي في تلك الصحبة الجميلة ، عرضت عليها يوما أن أساعدها في تقديم الطعام للضيفين الحبيبين ، فوافقت ،فحدث يوما أن سهوت وأنا إنسان ، فنسيت الباب مفتوحا فهرب الضيفان ولم يعودا
- القاضي : هرب الضيفان ؟
- الداعية : نعم سيدي القاضي ، كان ضيفاي بلبلين جميلين صداحين ،عندما فتح لهما الباب طارا معا وتركاني وحدي ، انتظر عودتهما , فلا شك أنهما قد فقدا معالم الطريق



صبيحة شبر

سودة الكنوي 13/05/2008 07:15 PM

لقد أخذتني قصتك إلى قصيدة البلبل للمحمود الزبيري
التي قال لي أستاذي عنها ذات درس:
" كثر أولئك الذين يستمتعون بحبس البلابل في الأقفاص،
و لكن لا أحد في هذه الدنيا يستطيع منع البلبل من الغناء إلا بقتله
بعثت الصبابةَ يا بلبلُ**كأنك خالقها الأولُ "
انتهى كلام أستاذي..

صبيحة الوجه و الحرف..
للقصة أبعاد نفسية ساحقة موغلة في التعبير عن
الشعور بالوحدة الذي يبرر لنا أحياناً بعض الأمور فنستمرئها
فقط كي نملأ الخواء الذي بداخلنا أو الفراغ الذي حولنا..
فكما نحن نعاني الوحدة و نجد السلوى في الأنس بالعناية ببلبل القفص
هو أيضاً في ذات الوقت يعاني مرارة الحبس و بؤس الغربة و الوحدة الموحشة
بعيداً عن التحليق في فضائه الرحب و التقاط بذرة الحب المغبرة المشطورة
قد يتنافس على احرازها مع ثلة الرفاق و ذاك في ذاته أحب إليه من قفص ذهبي
و طعام معقم وفير لا يشاركه فيه أحد...

المحكمة و الحضور و القاضي و المدعي و المدعى عليه
خلفية القصة تصور لنا صورة واقعية للحياة و الواقع المعاش
في قالب سردي إنشائي حواري شيق..
و كم عبر الكتاب و المفكرين و الشعراء عن الحرية المفقودة
بالبلابل و الأقفاص، و أن البلبل هو ذلك السجين المظلوم و لكن نلاحظ هنا بما
يدعو إلى الغرابة أن القاصة صبيحة قد جعلت حابس البلبل هو المظلوم صاحب القضية
و أن الجاني هو من أطلق سراحه..

جميلة يا صبيحة أمتعتنا...

علي أبو حجر 13/05/2008 10:58 PM

الراقيه / صبيحة شبر

شكرا لقلمك

دمت متألقه

فائق احترامي وتقديري

مياسم 15/05/2008 03:44 PM




صَبيحَة شبر .. لا يُمكِن للبَلابِلِ إلا أنْ تَحيَاْ ..
فِرَارَهُما من القَفصْ .. بَحثٌ عنِ الحُريّة .. سَعدتُ بِ قِراءَةِ هذا النصّ العَذبْ !
أهلاً بِكِ في إملاءات المطر ..


ليلى العيسى 16/05/2008 11:48 AM

في هذهِ القصّة
اتجاهٌ مغايّر .. كون أنّ القاصّة تتشبثُّ
بِـ الأنَا الشخصيّةِ لِـ (بطلتها) .. و كأنها ظُلِمَت في حين أنّها كانت ظالمة
لأنانيّتها المفرطة بسبب وِحدتها،!
خلقتِ جوّاً بديعًا بهذا النّصّ يا صبيحة
و نحنُ نتوقُ للمزيدْ ،!

حيّهلا بِكِ ،

أسماءْ آل عَمرْ 16/05/2008 10:50 PM

صبيحَ ـة..!

غيّرت مسارَ الخيالِ بجملَة..!

أيّ مقدرةٍ تلك التي تملكين,,, حتّى أنّني كنت اقرأ وأتخيّل ما سيحدث..!

وهذا أبدًا ما كانَ واردًا بالحسبان..!

:coco: :coco: :coco:

صبيحَة..!

نصْ إبداعي...!

أطيب المنى

:rose:

أسماء

هند بنت محمد 17/05/2008 06:06 AM


http://altofa7a.googlepages.com/9090909g.gif


وانا اقرا لك لاادري لما طرأ في مخيلتي اناس اعرفهم وصرت اشبههم بالبلابل
واشبهه واقعهم بالقفص وبالجاني والمجني عليه
ومن حولهم القاضي حتماً
لايملكون الا التحديق بعينين فارغتين وفاهٍ مفتوح وحيرة تكبلهم
بكيف الخروج من سم الخياط الذي قد يصل بهم ومضة نور

صبيحه
قرأتك مرتين ورأيت احداث ماكتبتي وكأنه واقع امامي يتصور لي
اكاد اقسم ان لايشبهكِ الا الصبح وانتِ ياحلوة القلب
ورود الكون لقلبك الطاهر


http://altofa7a.googlepages.com/000000ooooooo.gif



أسامة بن محمد السَّطائفي 18/05/2008 05:41 PM

* سلامٌ عليكم و رحمة الله .. ||

/

قِصَّةٌ تحمِلُ لُغزَها الشَّغوفَ في النِّهاية ..

فتجعلنا نكملها إلى النهايةِ دونَ مللٍ أو فُتورْ ..

و معانيها سامِيةٌ و ذاتُ دلالاتٍ متعدِّدة ..

أشكركـِ على حُسنِ نسجِ خُيوطِها بإحكَــامْ ..

*

أنا أرى أنَّ المُتَّهمَ بريءٌ ، فالنِّسيانُ معرَّضٌ لهُ كل البشرْ ..

أم أنَّ أحداً لهُ رأيٌ مُخالفْ ؟ :p

/

أحيِّي مقدمكـِ من هذا الموضوعِ أختي المحترمة / صبيحة ..

و أتمنى أن نكونَ خفيفي الظِّلِّ على قصصكـْ ..

*

تقبلي مني خالصَ تحيتي و احترامي ..

أحمد العراقي 19/05/2008 10:44 AM

صباح الخير سيدتي..
كوني أعيش لوحدي فأنا حقا أعرف الوحدة.. الفرق عندي كبير في الكلام اعلاه لاني انا من يعيش داخل القفص والبلابل هي الحرة!!!.. أو ربما كنتِ تقصدين هذا المعنى حرفيا فنحن المتوحدون مع ذواتنا وننظر الى الذات على انها الاساس والكل بحكم أنانيتنا المفرطة..

اهلا بصبيحة العراق بوركت سيدتي
ودي.. :flower2:
عدت وقرأت .. المضمون يحمل معان شتى وقد يرى غيرنا جوانب غير مرئية هنا حسب الانا القارئة
لله دركِ ايتها السيدة

صبيحة شبر 21/05/2008 10:47 PM

أحييكم اخوتي الأعزاء
يامن سطرتم الجمال هنا
ارحب بكم ايها الاصدقاء
أسعدتني كلماتكم الرائعة
سأعود اليكم لاحقا لاتناول كل رد


الساعة الآن 01:13 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها