" رَاوِيَـة "
‘‘ السَّـلامُ وَ رحمةُ اللهِ وَ بركاتهُ على كلِّ زائرٍ يَطأُ بِعَيْنَيْهِ أرضَ كبدِي ، http://www.emlaat.com/vb/uploaded/176_1275750260.jpg " قُـربَــان " قبلَ أن أبدأَ من حيثُ لا رُجـوع ، أحبَبْتُ أن تعلمِي - وَ تعلموا - بأنَّ كلَّ قطرةِ دمٍ تُراقُ هنا ، وَ كلُّ دمعةٍ تُسالُ هنا ، و كلُّ زفرةٍ تُبثُّ هنا ، وَ كلُّ أنَّةٍ تحومُ هنا ، وَ كلُّ مِسكٍ يتضوَّعُ هنا ، و كلُّ زنبقةٍ تفوحُ هنا ، و كلُّ شوقٍ يكبرُ هنا ، و كلُّ حنينٍ أرعاهُ هنا ، و كلُّ قمرٍ يُنيرُ هنا ، و كلُّ طفولةٍ تُناغِي هنا ، و كلُّ نجمةٍ تتلألأُ هنا ، و كلُّ مطرٍ يتهامَى هنا ، وكلُّ سماءٍ تتَّسعُ هنا ، و كلُّ مَرْجٍ يخْضرُ ، و كلُّ ثَلجٍ يتكاثفُ هنا ، و كلُّ مَساءٍ أُبحِرُ فيهِ هنا ، و كلُّ فجرٍ يبتسمُ هنا ، و كلُّ خدٍّ يحْمرُّ هنا ، و كلُّ خُصلةٍ تتراقصُ هنا ، و كلُّ مُقلةٍ تكتحلُ هنا ، و كلُّ قِوامٍ يهْتزُّ هنا ، و كلُّ لحنٍ يشدو هنا ، وكلُّ صباحٍ تكونِينَ أنتِ شمسَهُ الدَّافئةَ هنا يا راوِيَة ، اعلمِي أنَّ كلَّ ذلكَ لكِ و منكِ و إليكِ و لأجلك . ‘‘ |
‘‘ - 1 - صَبـاحُ الخَيـرِ يا راوِيَـة http://www.emlaat.com/vb/uploaded/176_1275750109.jpg صباحُكِ يُمْنٌ و سلامٌ و بركـاتٌ ، و صباحكِ يتنفَّسُ من أنفاسِ الفجرِ المُوغلِ في الرَّهبةِ إلى حدِّ اللاَّوعي ، صباحٌ أسْتفيقُ فيهِ يتيماً أستجدِي عطفَ الشُّروقِ باكتِئابِيَ المَنثورِ في الغُرفة ، ألملِمُهُ مُرهقاً ثمَّ أستجمعُ قِوايَ لأنهضَ خاملَ العَزيمةِ مُذبذبَ الأفكار ، فيتولَّى الماءُ عندَ غسلِي لوجهي و أطرافي تَنشيطَ الأولى وَ يقومَ المُشطُ أثناءَ تسريحِ شعري و لِحيتِي بتنظيمِ الثَّانية ، يحدثُ كلُّ هذا و لم تُفارقني صورتكِ لحظة ، هاهوَ إذاً يومٌ جديدٌ يُسْتفْتَحُ على وجهكِ الأزهرِ ، أزدادُ فيكِ حُبًّا و تتَّسِعُ دائِرةُ انتِشاركِ في جسدِي ، وَ أعشقُ الحُزنَ أكثرَ فأكثر ، ذلكَ الحُزنُ الَّذي تُقُمِّصْتُهُ ظاهِراً و نُفِخَ في رَوْعِي باطِناً حتَّى صِرْتُ لهُ وَجهاً ثانِياً وَ حَقيقَتَهُ الماثِلَةَ عَياناً ، مَرَّةً أخرى ، صباحُكِ أمنٌ وَ وِئامٌ وَ رَحَمَـات ، ‘‘ |
‘‘ - 2 - VITO http://www.emlaat.com/vb/uploaded/176_1275750073.jpg أرْفضُ تمامًا فكرةَ التَّخلِّي عن عشقكِ أو حتَّى عدم التَّفكيرِ فيكِ كلَّ حينٍ و على أيِّ حالٍ ، فإنَّ ذلكَ يتجاوَزُنِي و لا تقواهُ أنسِجتِي وَ خلاياي ، أيُعقلُ أن لا أهذي بذكراكِ ؟ أو أن لا تكتَحِلَ نواظِرِي بنواظِركِ ؟ صبرِي عنكِ انتحرَ منذُ مدَّةٍ و خلَّفَ وراءهُ أشواقاً تصطَرِخُ : هل من خَـلاص ؟ و لكن هيهاتَ هيهات ، فلا مَناصَ من اضطرامِ اللَّوعاتِ و إطلاقِ الآهاتِ وَ إسبالِ العَبرات ، معَ الدُّعاءِ بلهفةٍ أن يجمعنِي اللهُ بكِ كما يَشاءُ سُبحانهُ ، ‘‘ |
‘‘ - 3 - أحـلامُ ما قبلَ النَّـومِ بلغَ هَوَسي الشَّغوفُ بكِ شأواً عظيماً لامسَ عَنانَ الذُّهولِ وَ الدَّهشَة ، الكُلُّ لاحظَ عليَّ أماراتِ السَّرحانِ ، وَ القِلَّةُ فقط تعرفُ المسبِّب . آهٍ لو تعلمينَ يا حبيبَتي كم يَطيبُ لي الوقتُ وَ أنا منقطِعٌ عن العالمِ وَ صِراعاتِهِ يُرفرِفُ بي جَناحا الخاطِرِ نحوَ فَضاءاتٍ أنتِ جَوهرُها الأوحَد ، أجِدُ زَورَقَ فكرِي مدفوعاً بقوَّةٍ إلى جُزركِ العَذراءِ ، يرسُو بعدَ مَدٍّ وَ جَزْرٍ على شواطئكِ الآمنَة ، لأهيمَ مبهوتاً في حُسنِ خَلقِكِ الفَريد ، عنِ اليَمينِ وَ الشِّمالِ أنوارُ طلعتِكِ الغَرَّاء تُصِرُّ على مُرافقتِي ، يَزيدُ من ألَقِها بُزوغُ ثَغرِكِ الطُّفولِيُّ على وَجهِيَ القَاحِل ، أتلمَّسُ الجِهاتَ باحِثاً عنكِ لأضمَّكِ إلى صَدْرِيَ العارِي وَ المُرتجف فَيَسْكُنَ رَوْعُهُ وَ تطمَئِنَّ فرائِصُهُ . أقرأُكِ في مخيِّلَتِي أبجَدِيَّةً ناصِعةَ البَيانِ وَ السِّحر ، ألفِظُ أحرفكِ المِسْكِيَّةَ بِمُنْتَهى الفرحِ الغامِرِ : راء ... رُواءٌ مَعدِنُهُ أصيلٌ فيكِ بلا إضافات . ألف ... أناقَةٌ جذَّابةٌ شِعارُها الدَّائِمُ : نعم للبَساطَةِ وَ لا لِلمُغالاة . واو ... وَقارٌ لَفَّ لُبَّكِ الزَّهْرِيَّ بِأحَنِّ اللَّمسات . ياء ... يُمْنٌ تَحمِلِينهُ وَ أمانٌ وَ بَركات . هاء ... هادِئةٌ عريكَتُكِ وَ أَهْيَفٌ قَدُّكِ المائِسُ مُطْرِبُ الخُطوات . تِلكَ هِيَ ترجَمتِي الوَحيدَة لكِ وَ لا أعرفُ غيرها قاموساً يُوصِلُني إلى معانِيكِ السَّامِيَة ، وَ تِلكَ هِيَ هواجِسِي الَّتي أحْسِدُها على احتِوائِها لِصورتكِ الغالِيَة . يبقَى مغْنَمِي منكِ يا راوِيَتِي وَ يا رِوايَتِي البائِسَة ، حاصِلُ ضَرْبِ أحلامٍ فِي خَيال ، كأنَّ أبا الطَّيِّبِ كانَ يقصِدُنِي بقولِهِ : نَصيبُكَ في حياتِكَ من حَبيبٍ /// نَصيبُكَ في منامِكَ من خَيالِ السَّبت /15/05/2010 ‘‘ |
‘‘ - 4 - أُحِـبُّـهُـمَـا الـرَّمادِيُّ ، لونٌ لا يحبِّذهُ أغلبيةُ المُبصرينَ ، فهُم يُحمِّلونَهُ أوزارَ التَّشاؤُمِ وَ التَّعاسةِ وَ القُنوطِ وَ الحُروبِ وَ البُغضِ وَ الإنتِكاسَةِ وَ الغُموضِ وَ البَشاعةِ وَ المُستَحيلِ وَ العَمى وَ الحَيْرةِ وَ المَوتِ وَ الفَـراغِ القَـاتل . مُذنِباً كانَ أم بَريئاً تحمَّلَ ذلكَ اللَّونُ تِلكَ التُّهَمَ وَ غيرها بما يَفوقُ طاقتهُ ، وَ نَسِيَ منتَقِدوهُ مَحاسِنهُ وَ جمالِيَّتَهُ وَ بعضَ فضائِلِهِ . فَالغيمُ المُثقلُ بالغَيْثِ غيَّاثاً للأرضِ و من عليها رمادِيٌّ ، وَ القمرُ المُنيرُ بِفُوَّهاتِهِ الفاتِنَةِ رمادِيٌّ ، وَ اليَمامُ مُبْهِجُ الشَّكلِ وَ الهَديلِ رمادِيٌّ ، وَ تِشرينُ بأجوائِهِ الَّتي تَحُضُّ على مُمارسَةِ طُقوسِ التَّأمُّلِ رمادِيٌّ ، وَ الحُزْنُ بِعُمقِهِ الفَلْسَفِيِّ الإنْسَانِيِّ رمادِيٌّ ، وَ التَّارِيخُ بِماضِيهِ الَّذي يَعْبَقُ أصالةً وَ مَجْداً رمادِيٌّ ، وَ أطْلالُ العُشَّاقِ بِذِكْرَيَاتِها العَزيزةِ رمـادِيَّـة . لأجلِ كلِّ هذا و غيرهِ كُنْتُ رمادِيًّا منذُ الصِّغَر ، فمدِينَتي مُصطَبِغةٌ بهِ من جهةِ حظارتها الضاربةِ في غابرِ الأزمنةِ و من جهةِ خَريفها وَ شِتائِها البارِدَيْنِ إلى حدِّ الوَجَع . كذلكَ كانَ لِقائِيَ الأوَّلُ بكِ يا راوِيَة - هل تَذكُرين - في سَطيفٍ أواخِرَ دِيسمبر ، و أنتِ لابِسَةٌ سُتْرَتَكِ الرَّمادِيَّـة . فازْددتُ بالبَرْدِ هُياماً وَ بِالرَّمادِيِّ غَراماً وَ مازِلتُ على عَهدِ حُبِّكِ وَفِيًّا مُقيماً إلى أن يشاءَ اللهُ أمراً كانَ مفْعولا . n.b سَألتني إحداهُنَّ قبلَ أعوامٍ عن لَوْنِيَ المُفضَّلِ ، فاحتَرتُ ما بينَ الأخضرِ وَ الأزرق . كُنْتُ وقتها مُخطِئاً ، وَ لو نظرتُ من كُوَّةِ نفسي إلى نفسِي لعرفتُ ما هُوَ دونَ أيِّ حيرةٍ تُذكَرُ . الثُلاثـاءُ /29/06/2010 ‘‘ |
الساعة الآن 01:15 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها