إملاءات المطر

إملاءات المطر (http://www.emlaat.com/vb/index.php)
-   منابرٌ فوق السحاب (http://www.emlaat.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   ماهو النقد (http://www.emlaat.com/vb/showthread.php?t=4163)

مضاوي الروقي 25/06/2010 04:21 PM

ماهو النقد
 
http://www.emlaat.com/vb/uploaded/65_1225559623.gif
سأطرح هنا إشكالا متعلقا بطبيعة النقد وماهيته .. ثم سأعرج على بعض المفهومات ذات العلاقة بطبيعة النقد الأدبي .. وأرجو أن يكون موضوعا خفيفا..

مضاوي الروقي 25/06/2010 04:24 PM

ماهو النقد؟ وماهي طبيعته؟ ما المادة التي يدرسها؟ وهل الخطاب النقدي خطاب علمي أم أدبي؟ ما المعرفة التي يقدمها الخطاب النقدي إن كان علميا؟
هذه التساؤلات ستناقش من خلال عدة محاور:
ـ مفهوم النقد.
ـ العلاقة بين النقد و الأدب.
ـ وظيفة النقد.
ـ المفاهيم النقدية الناتجة عن هذا العلم.

مضاوي الروقي 25/06/2010 04:25 PM

مفهوم النقد:
كلمة نقد مأخوذة من الجذر اللغوي ( ن ق د )، جاء في لسان العرب: النقد والتنقاد: تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها، وقد نقدها نقدا وانتقدها ونقد فلانا نقدا أعطاه ، فانتقدها أي قبضها، وناقدت فلانا إذا ناقشته في الأمر، ونقد الطائر الحب ينتقده إذا كان يلقطه واحدا واحدا .
وجاء في أساس البلاغة: هو من نقادة قومه، من خيارهم، ونقد الكلام، وهو ينقد بعينيه إلى الشيء: يديم النظر إليه باختلاس حتى لا يفطن له .
وفي المعجم الوسيط مصطلح النقد مأخوذ من: نقد الشيء نقدا نقره ليختبره، أو لتمييز جيده من رديئه، ويقال نقد النثر، ونقد الشعر، أظهر ما فيه من عيب .
بيد أن الدلالة الاصطلاحية لا تقف عند مجرد استحسان واستهجان النصوص، بل إنها أعمق من ذلك، فهي تتصل بفنية البنية النصية . فالنقد: تحليل القطع الأدبية وتقدير ما لها من قيمة فنية ، و يعرف النقد أيضا بأنه: فن دراسة الأساليب وتمييزها .
ومع محاولة المشتغلين بالنقد وضع حد له، إلا أنهم لم يهتدوا لوضع حد يلتزمه الجميع؛ إذ إن حد النقد من الإشكالات المطروحة في الخطاب النقدي، كما هو حد الأدب كذلك. ربما عرف بعضهم النقد انطلاقا من تعريفه الأدب ، فالناقد وليام هدسون حين عرف الأدب بأنه: تفسير للحياة، عرف النقد بأنه تفسير للتفسير، أي للصورة الفنية التي خرج فيها الأدب . وعرفه رولان بارت بقوله: العالم موجود، والكاتب يتكلم، هذا هو الأدب، أما موضوع النقد فيختلف كثيرا، إنه ليس العالم، إنه خطاب، خطاب الآخر، النقد هو خطاب على خطاب، هو لغة ثانية أو ميتالغة، تمارس على خطاب أول .

مضاوي الروقي 25/06/2010 04:27 PM

الموضوع جزء من بحث أكاديمي لي ، و لا مانع لدي من الاستفادة منه ، فقط أرجو نسبة البحث لصاحبته ..

مضاوي الروقي 25/06/2010 04:28 PM

موضوع النقد:
يتناول النقد العمل الأدبي من حيث هو قيمة؛ وعليه فإن موضوعه يتعلق بالجمال، جمال العمل الأدبي من حيث طبيعته، وألفاظه، وتراكيبه، وغير ذلك من عناصر النص، ثم يتناول ما بينها من علاقات، والتي تؤثر في المتلقي .
وظيفة النقد:
حين يعرف النقد فإنه يعرف من خلال موضوعه، الذي هو الأدب؛ لذا فإن النظر إلى الأدب في فهم وظيفة النقد هو عنصر جوهري لابد منه ، فالنقد حين يمارس وظيفته فإنه يمارسها من خلال النصوص، فهو " استعمال منظم للتقنيات غير الأدبية ولضروب المعرفة غير الأدبية أيضا، في سبيل الحصول على بصيرة نافذة في الأدب"
تختلف وظيفة النقد انطلاقا من الممارسة النقدية، فهو في بعض الممارسات ذو رسالة اجتماعية، وأخلاقية، فليس هو تفسير للنصوص فقط، بل هو فعالية إبداعية ونشاط ذهني خلاق يسعى إلى انتاج معرفة بالنص أو إعادة بنائه من خلال منظور ثقافي معين . ولعل هذه الوظيفة التي يضطلع بها النقد تفسر طبيعة العلاقة بينه وبين الأدب، فإذا كان الأدب تجربة شعورية لصاحبها مستمدة من بيئته ومعبرة عن رؤية المبدع عنها، فإن النقد تفسير لتلك الرؤية لتحقيق الفهم والتذوق والحكم .
المحاور السابقة تقودنا إلى موضوع آخر مهم في هذه الورقة وهو موضوع الذاتية والموضوعية في النقد.

مضاوي الروقي 25/06/2010 04:34 PM

الذاتية والموضوعية:
اختلف النقاد و الأدباء في تحديد هوية الفعالية النقدية، ومدى صلتها بالعلم والفن، فبعضهم يرى النقد ممارسة ذاتية تستند إلى الذوق، الشخصي المحض المخالف للعلم، وفريق يرى أن النقد نشاط علمي يستند إلى أسس موضوعية وأدوات منهجية، تحتكم بقواعد العلم المباينة للذوق والهوى، ومجموعة ثالثة ترى النقد تمازج بين الذاتية والعلمية .
هذا الصراع القائم بين هذه الآراء الثلاثة، ناتج عن رغبة الممارسات النقدية في أن تكون علمية، تحكمها قواعد وقوانين العلم، فهي تبحث عن العلاقات المكونة للنص، إذ العلم الذي تحاول أن تتبع خطاه، يبحث في العلاقات التي تشد أجزاء الكائن بعضها إلى بعض، وكيف اجتمعت عناصره لتكون هذا الكيان. وعلى هذا فإن الممارسات النقدية تختلف في الحقيقة التي تبحث عنها في الكائن الأدبي، بناء على الأفق الذي تجعله مجال دراستها.
وهكذا وجد الناقد نفسه أمام أهداف أربعة رئيسة، كل منها يستحق إقامة نظرية أدبية حوله، على أساس اعتباره العامل الأقوى في الإبداع، وهي:
ـ المبدع كذات فاعلة وخلاقة، معبرة عن عالمها الداخلي.
ـ الواقع الموضوعي للإبداع، باعتباره العامل الذي صاغ حياة المبدع وتحكم في صياغة نزعاته.
ـ النص الأدبي باعتباره المرتكز للفعل الأدبي.
ـ المتلقي للإبداع أو القاريء للنص، باعتباره الامتداد الحقيقي لوجود النص.

عبد العزيز الجرّاح 25/06/2010 06:11 PM

رذاذ غيمة ،

نحن حقًا بحاجة لمعرفة ماهية النقد و وظيفته ومفهومه وعلاقته بالأدب تحديدًا بحكم أن المطر
منتدى أدبي متخصص.
جميع المحاور التي ذكرتها أعلاه، أجدها محاور مهمة وقيّمة، وبودي أن تضيفي إن أمكن علاقة
الناقد بالأديب، وكيف يكون الناقد مكملا وداعما له وللأدب.

شكرًا كثيرًا لـ هذا البحث القيّم، الذي أجده إضافة رائعة للأدب وإثراء للمطر بصفة عامة وقسم منابر
فوق السحاب بصفة خاصة.

تحاياي

مضاوي الروقي 26/06/2010 04:11 PM

شكرا لك أخي الكريم ،، وأرجو أن أطرح ما يفيد ..

مضاوي الروقي 26/06/2010 04:13 PM

فالنظرية التي جعلت المؤلف أفقا لها شملت مناهج خارجية في دراسة العمل الأدبي وهي المنهج التاريخي، والنفساني، والاجتماعي.
فالمنهج التاريخي في دراسته للأدب ركز ،كما يرى بيف، على:
ـ دراسة الأديب فكريا من خلال الاطلاع على جميع مؤلفاته.
ـ دراسة الأديب جنسيا من خلال معرفة أصله وعائلته.
ـ دراسة الأديب بيئيا واجتماعيا للتعرف على المؤثرات الطبيعية والاجتماعية، وتأثير ذلك على توجهه وسلوكه.
ـ دراسة الأديب نفسيا للاطلاع على معاناته، وهمومه وانشغالاته العاطفية.
ـ استخلاص السمات العامة لثقافته، وتحصيله العلمي من خلال التعرف على أساتذته، ومدى تأثره بهم .
وبعد أن يتحصل للناقد كل هذه الدراسات، يقيم العمل الأدبي، ويحدد شخصية الأديب؛ إذ إن فهم الشخصيات يؤدي إلى فهم انتاجها وتفسيره، فهو يؤمن بالعلاقة التي تربط شخصية الأديب بأدبه .
إن هذا المنهج الذي وضعه سانت بيف، يشتمل على حقيقة جوهرية، مفادها أن الأدب لا يعدو كونه في النهاية نتاجا لشخصية الفرد الخالق . فالفنان يخلق فنه تبعا لقوانين كيانه الخاص، وهذا الكيان نتاج لجميع المؤثرات الخارجية .
ويرى (تين) أن الأديب فرد يعيش داخل إطار منظومة القواني الطبيعية، ويخضع لجريها، وينشيء أعماله داخلها؛ لذا فهو يبحث عن هذه القوانين التي يخضع لها الأديب، وهي لا تخرج عن عوامل ثلاثة: الجنس والبيئة والعصر، فهذه العوامل مجتمعة لها الدور الفاعل في تكوين الأدباء، وتميزهم واحدا عن الآخر .
فالأدب بناء على ذلك مثل الطبيعة لا يعرف مجالا للقوانين الفردية، والأدباء جميعا يخضعون لقوانينه العامة؛ لذا لفهم الأدب فهما صحيحا ينبغي الرجوع لهذه العوامل التي أعانت على انتاجه .
على الناقد، حسب (كارليل)، أن يفهم غرض الشاعر عن طريق العطف والتقدير، ثم يحكم بعد ذلك على عمله .
أما المنهج النفساني فإن المشتغلين به قد فسروا العمل الأدبي من خلال اللاوعي، ففيه تختزن التجارب البعيدة، التي يراد نسيانها، إذ لا يمكن التعبير عنها؛ لأن المجتمع يرفضها، لكنها تبحث عن قناع تظهر من خلاله، فتتخذ الأحلام مجالا لذلك ، من هنا يصبح للحلم لغته الرمزية مثلما للسلوك الغامض لغته المعماة، وهذه اللغة تستدعي الكشف عنها وفهم دلالاتها، وتحليلها .
يمكن أن ندرك الصلة بين العالمين النفسي والأدبي من هذه النقطة؛ إذ إن تجارب النفس المكبوته تظهر من خلال الأحلام، فالأخيلة والأوهام لدى الكاتب المبدع، تسعى إلى الظهور من خلال قوالب أدبية، وهنا تكمن براعة الأديب على غيره من المكبوتين، إذ يعبر عن كبته بطريقة مقبولة وشائقة، يسعى المجتمع إلى معرفتها، وينجذب إليها، ويشجع عليها .
والأديب المبدع يشبه الطفل، عند فرويد، في أنه يخلق لنفسه عالما من الوهم ويعامله بغاية الجدية والاهتمام، ويودعه كل ما لديه من عاطفة، وبفصله عن العالم الواقعي المحسوس، وكذلك يفعل الطفل في لعبه .
يعتبر فرويد الحياة الجنسية بمنزلة الصدارة في كل نشاط فني، فالشعر والموسيقى وغيرها من الفنون، ليست إلا أشكالا للحب في جميع صوره، إنه التصعيد والتعويض والتحويل، هذه هي الوظائف الأساسية للفن . وحتى يتحرر الفنان من كبته لابد أن يفجره على هيئة عمل فني، وهو بذلك يخفف من عذاباته، إذ يجد في إعجاب الناس التعويض عن حرمانه .
لقد بالغ فرويد في التركيز على الدوافع الجنسية من بين الدوافع الغريزية التي تقف وراء تشكل العمل الإبداعي لدى الفنان .

يتفق (يونج) مع فرويد في إرجاع الإنتاج الأدبي إلى اللاشعور، لكنه يخالفه في هذا اللاشعور، فهو يرى أنه موروث من أسلافنا البدائيين، نتيجة لما تركته فيهم تجارب الحياة . وهو بذلك يخرج اللاشعور من كونه فرديا إلى اللاشعور الجمعي، متمثلا في الأساطير التي تتجذر في المجتمعات في شكل رواسب نفسية موروثة من تجارب الأسلاف .
يأتي بعد ذلك (أدلر) الذي يتفق مع فرويد في فكرة حب الظهور، والتعويض عن النقص، لكنه يخالفه في تفسيرها، إذ إن فرويد يرى أن الإبداع نوع من التنفيس عن كبت جنسي يعاني منه المبدع بينما يرى (أدلر) أن عقدة الجنس لا تفلح في تفسير الإبداع، بل إن النقص لدى المبدع ومحاولة تعويضه هي الفكرة الأكثر قبولا ومنطقية.
لذا فإنه يبحث عن مظاهر التعويض عن النقص في أنواع الفن. فهو بذلك ينظر في عاهات المبدعين وعقدهم ونواقصهم، ويربط بينها وبين مظاهر الإبداع ويفسرها في ضوء المعرفة المتحصلة عن الأديب أو الفنان .
وآخر المناهج التي تعاملت مع المؤلف بوصفه أفقا للدراسة هو المنهج الاجتماعي، الذي ينطلق من النظرية التي ترى أن الأدب ظاهرة اجتماعية وأن الأديب لا ينتج أدبا لنفسه إنما ينتجه لمجتمعه، منذ تفكيره في الكتابة وفي أثناء ممارسته لا وعقب انتهائه منها، فالقاريء حاضر في ذهن الأديب، وهو وسيلته وغايته في آن معا .
يعامل (لوكاتش) الأعمال الأدبية بوصفها انعكاسات لمنظومة ظاهرة، ولابد للعمل الواقعي أن يكشف التناقضات التحتية في النظام الاجتماعي .

زياد محمد 27/06/2010 01:04 AM

رذاذ غيمة ..

زادكِ الله من فضله ..

مُتابع لكِ .....

مضاوي الروقي 27/06/2010 07:12 PM

ـ على الجانب الآخر هناك نظريات جعلت المضمون أفقا لدراستها، وقد نظرت إلى الأدب من خلال قضية الالتزام، فالأدب له تميزه وفرادته كما يقول سارتر ، إذ هو من بين كل الأنواع الفنية الأقوى تعبيرا، والأقدر على على احتضان الحضارة والحياة، وقضاياها، فالأدب على ذلك لا يستطيع إلا أن يكون ملتزما بمعنى ما .
للأدب إذن رسالة اجتماعية عليه أن يلتزم بها، إذا ما أريد له أن يشكل دعامة من دعائم بنية المجتمع، فهو، أي الأدب، كائن اجتماعي، يمتزج بمجتمعه ويصدر عن وعيه الكامل به، يعبر عن عواطف وطموحات وآمال ومشاكل الشعب، وهو بذلك يحقق لهم الشعور بالسعادة.
القائلين بفكرة الالتزام هذه يرون في الأدب رؤية كونية شاملة، الانتاج الأدبي فيها يمثل موقفا من الحياة ورؤية للعالم، تفرض على الأديب مسئولية الافصاح عنها والالتزام بقضية الحرية ضد الاستعباد، وإلى المساواة والعدالة .

مضاوي الروقي 27/06/2010 07:14 PM

شكرا أخي زياد ..

مضاوي الروقي 29/06/2010 10:21 AM

ـ أما النظريات التي جعلت الكائن الأدبي أفقا لها في الدراسة فتتمثل في منهجين، الشكلاني والبنيوي.
انصب اهتمام الشكلانيين الروس على قضايا المنهج، وحرصوا على وضع أساس علمي لنظرية الأدب، إذ جعلوا الأعمال الأدبية محور اهتمامهم النقدي، مغفلين كل ما يتصل بها من عوامل ومرجعيات ، وهم في فعلهم هذا يسعون إلى علم أدبي مستقل، ينطلق من الخصائص الجوهرية للأدب، من خلال النظر في عناصر بنية النص الأدبي، وفي نظام حركة هذه العناصر وتماسكها.
إن تركيز اهتمام الشكلانيين على التقنيات أدى بهم إلى معاملة الأدب بوصفه استعمالا خاصا للغة، يحقق لها التميز، وعلى هذا الأساس يرون أن جوهر الظاهرة الأدبية ليس في علاقتها بمنشئها أو بيئتها بقدر ما يتلخص في كينونتها الموضوعية، بوصفها بنية مستقلة، وقوام العمل الأدبي يكمن في الكلمات وليس في الأفكار، إذ إن ما يمنح النص هويته ليس معناه، و لا مضمونه، ولا المؤثرات الخارجية إنما هو صياغته وطريقة تركيبه ودور اللغة فيه، وهذا هو ما يجعل الأدب أدبا .
فالوظيفة التي يؤديها الفن هي أن يعيد لنا الوعي بالأشياء التي أصبحت موضوعات اعتيادية في وعينا اليومي .
أكملت البنيوية مشوار الشكلانية، في دراسة الكائن الأدبي، حيث نبذت الطريقة التقليدية في النظر إلى العالم والأشياء من خلال محور الذات والموضوع، أو الذات والوجود، أو الإنسان والتاريخ. كما نبذت النظرة إلى النظام الكلي نظرة جزئية، معلنة أولوية النسق أو النظام، على العناصر، فالناقد البنيوي لا يقف في تحليل هذا الكل عند الوحدات المكونة بمعزل عن العلاقات التي تجسد الترابط العضوي بين عناصره، بل إنه يستهدف قبل كل شيء استخلاص البنية من خلال العلاقات القائمة بين العناصر .
وبذلك ركزت اهتمامها في البحث عن بنية العمل الأدبي، تلك البنية التي تكشف عن نظامه بطريقة تحليله تحليلا داخليا، مؤكدة أهمية العلاقات الداخلية والنسق الكامن في كل معرفة علمية .
ويلحق بهذه الفئة المنهج السميولوجي، الذي يرى في العمل الأدبي شفرة أو مجموعة سنن متفق عليها ضمن مستوى ما، وعليه فإن السميولوجيا لا تبحث عن الحقيقة بقدر ما تركز جهودها على عمليات الدال، فهي تبحث في الأنظمة الدلالية للشفرات والعلامات وطرق انتاجها للمعنى .

مضاوي الروقي 01/07/2010 06:38 PM

الرؤية الأخيرة للنص الأدبي تنظر إليه من خلال القاريء، إذ لا تنحصر مهمة الناقد عندهم،آيزر، في إيضاح النص وشرحه، بل بالأحرى كشف آثاره على القاريء، ومن طبيعة النصوص أن تسمح بموفور من القراءات الممكنة إذ تختلف تجربة القراءة باختلاف تجاربنا الماضية.
فالعمل الأدبي يشير إلى خارجه، والقاريء يدخله التأويل لكي يملأ الفجوة في النص .
كل هذه الممارسات في نظرتها للعمل الأدبي انطلقت من مفاهيم صنعتها لنفسها، أو استعارتها من العلوم الأخرى التي استخدمتها في دراسة الكائن الأدبي، فرأينا مصطلحات مثل: النظام، والنسق ، والكائن، و شفافية اللغة، وانغلاق النص وانفتاحه، موت المؤلف أيضا من ضمن مصطلحات الفعالية النقدية، وكذلك ظهر مصطلح الشفرة لدى السميولوجية، المرآة والانعكاس وغيرها من المصطلحات التي تكونت من خلال ممارسة النقد في ضوء العلمية والموضوعية.
لقد جهدت النظريات المعاصرة للوصول إلى العلمية والموضوعية بحثا عن قيمة العمل الأدبي، ولعها انطلقت في مفهومها للقيمة من خلال نظرة الفن الجمالي الذي يرى أن الأدب ليس له غاية، فهو جوهر في وجوده و لا يقصد منه الوصول إلى حقيقة أو منفعة ما، كما لا يقصد به خدمة نظام اجتماعي أو عقيدة أيديولوجية.
يظل التساؤل قائما، هل استطاعت المناهج النقدية من خلال محاولتها أن تكون علمية، الوصول إلى قيمة الأعمال الأدبية؟ والحكم عليها بالجودة حكما مفسرا معللا؟ لعل الدراسات تفسر عن إجابات لهذه التساؤلات وتحدد مفهوم النقد الذي لا يزال متأرجحا، ليس له تعريف جامع مانع، وتحدد كذلك القيمة الكامنة في العمل الأدبي، وتصل قبل هذا وذاك إلى حصر لحدود الأدب وتعريفه.

مضاوي الروقي 01/07/2010 06:41 PM

لقد ظل النقد محكوما بأن ينطلق من التصور المبدئي للعمل الأدبي في طبيعته وقيمته ووظيفته. إذ إن النقد نظام ذو وعي معرفي، منهجي نظري وفلسفي، وهو أمر يجعله بعيدا عن الاكتفاء بمرجعية واحدة لارتباطه المستمر بالعلوم الإنسانية والفلسفة وأشكال المعرفة .
فالذين كانوا يعتبرون الأدب فعالية نفسية أو اجتماعية ظلوا يخضعون النقد لهذه المناهج، فيفسرون العمل في ضوء شخصية الأديب وظروفها النفسية .
لكن النقد تجاوز هذه المرحلة ودخل مرحلة أكثر حساسية هي مرحلة الوصف العلمي للبنية الأدبية. إذ تحول اهتمام الناقد ودارس الأدب إلى النفاذ إلى عمق الإبداع الأدبي والبحث عما يجعل الأدب أدبيا، وعن القيمة التي تحملها هذه الأعمال.
إذن حتى نفهم النقد علينا أن نحدد زواية النظر إليه، إذ يظل السؤال مطروحا، ما النقد ؟ وهذا يحيل بالضرورة إلى قيم ذات مرجعيات معرفية وإيديولوجية، وجواب واحد لن يكون حاسما، لأن كل إجابة تنطلق من تعميم قد لا تتلاءم فيه العناصر أو قد ينطلق من ممارسة معينة، تختلف عن ممارسة أخرى .

زياد محمد 03/07/2010 12:14 AM

الفاضلة رذاذ غيمة ..

قيادة رائعة في الموضوع ..
و تواجد يفرض علينا المتابعة ..

سؤال لا أعلم هل له شأن بالموضوع أو لا ..
بقدر أنه تقصي لفائدة من خلاله ..

ألا تعتقدي بأن إدراج بعض المفردات العامية في النقد
أو في المقالة الأدبية ، يكون لها أثر بالغ للمتلقي أو القارئ ..؟
كأن تختصر المسافة للتوضيح أو الشرح .. أو يقصد منها الكاتب
أو المُلقي هدف معين لكونها جزء من حياة المتلقي أو القارئ ..

أتمنى بأن أوفق في الشرح ...


تحيتي لكِ

مضاوي الروقي 04/07/2010 04:08 PM

مرحبا أخي زياد..
حينما أكتب مقالا علميا، فإني لا أحبذ أن يختلط بكلمات عامية، الألفاظ العامية تظل في كلامنا العادي... لغتنا المتداولة،، لكن في النص العمي ينبغي الالتزام باللغة العلمية.. هذه وجهة نظري أنا ولكل كاتب وجهة نظره، وله أن يكتب بالطريقة التي تجعل مقصده مفهوما لدى المتلقي.. وإن كنت أجزم أن الفصحى البسيطة مفهومة لدى جميع المتلقين ،، حتى غير المتعلمين..
في الكتابة النقدية ينبغي أن تكون لغتك مفهومة حتى وإن كنت تكتب لمتخصصين، فكيف حين تكتب لغير المتخصصين؟ فالعبث باللغة بشكل يجعلها غير مفهومة يجعل المقصد المراد متعذرا..
شكرا لك

ندى الحربي 04/07/2010 04:18 PM


استفدتُ كثيرًا.. وأيدتِ كثيرًا من قناعاتي في بحثك هذا

أما بالنسبة لسؤال الأخ زياد - فلو سمحتِ لي-
أرى أن المقالات النقدية الساخرة أو بعض الأعمال الأدبية التي يود كاتبها التعبير عن حالة مجتمعية معينة أو تقريب صورة عن شخصية معينة.. من المحبب للقاريء (وليس الكاتب) أن يرى كلمة أو عبارة عامية فيها
لأن اللغة الفصيحة في كل وقت وحين قد تسلب الطراوة من الرسالة المؤداة
أما بالنسبة للبحوث العلمية أو الدراسية الموجهة.. فمن الأفضل ألا تشوبها العامية من قريب أو بعيد.

أشكرك جدًا على موضوعك القيم

..

مضاوي الروقي 05/07/2010 02:40 PM

مرحبا ندى،، ربما فهمتُ سؤال الأخ خطأ، أنا فهمت أن الحديث حول المقال النقدي، النقد علما، لم أفهمه على أنه المقال الناقد الساخر.. ربما فهمك هو الأقرب لمراده..


الساعة الآن 12:29 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها