رسائل السماء
غَنيّةٌ باللهِ عنِ العَالميّنْ ، |
ارفَعُوا أُمنياتكُمْ إلى السَمَاء عاليًا عاليًا ،
لِتصعَدَ إلى رَحمةِ وَ لُطفِ رَبِّ العَالميّنْ ، و تَنهمرُ عليّكُم مَطرًا غزيرًا وَ ثلجًا باردًا تُشفى بِهِ صُدروكم . |
إلى المُغيبّة عن أعيننا والأرواح التي تبكيّها غيابًا قاتلًا
إلى جدتّي التي أبكيها بكلِ مَا أملك من قوة للحديث عَنهَا ، الحديثُ الذي يدورُ عنكِ كل يومٍ مابينَ صلاتي المغرب والعشَاء ، يكونُ حلوًا لأننا نتذكرُ الهَدايا التيّ تأتي إلينا عندَ كُلُ زيارة إليكِ وعندما نكون لوحدنا فَقط فقط لأبناء ابنكِ الأصغر ، نتذكر حديثكِ إلينَا وإن كُنَّا لا نَفقهُ سِوى العَبث واللعب مع البهائم الصغيرة الجميلة () ، ودائمًا ما نُحدثُ ضَجيجًا رغبةً في أنّ نَغفو في النوم بجانبكِ من ليلةِ الخميس إلى الجُمعة ، كوبُ الحليب يبدو لذيذًا لأنَّ حديثكِ الأبيض يجعلنا نتلذذ بكل رشفة ، وفتات الخُبز المُتساقط على سجادة الغُرفة نلملمه لنقدمه إلى حضيرة الدجاج ، ونتسابق إلى جمع حبات البلح المُتساقط من نخلتكِ العالية التي تُسابق السحاب في العُلو ، أذكرُ ابريق الحليب الدافئ والأكواب الصغيرة المحببة إلينا وإليَّ أنا خاصة ، وكل صباحٍ نستيقظُ على صوتُ أميّ وهي تُحادثكِ أشعرُ بالأمان إذا أصبحتِ قريبةٌ من أميّ ، ونذهبُ إليك كل ليلةِ اربعَاء ، أعودُ من صباحي المدرسيّ مُستمتعة لأنني سألتقي بكِ مُجددًا ، لأنني سأُقبل رأسكِ وأقول لكِ كيف حالك اليوم أمي هيلة ؟ ترتسم عليكِ ابتسامة بيضَاء أنا بخيرٍ يا ابنتي ! ونحن ياجدتي نحن بخيرٍ إذا رأيناكِ بخير وتضحكين وتتحدثين وجسدكِ لا يشكو ألمًا ولا يبكي من فرط الأوجاع المتناثرة فيكِ ولا تَكفّ ، ولم تلبثِ سنوات قليلة وعلى خروجِ فرحة تفرحين بها تأتي إليكِ أُمي تُخبركِ بعقدِ قران أُختي وتفرحين لأختي بدلًا من ابنة بنتكِ وتبكين تمنيتُ لو أنني بجانبكِ لأمسح بعضًا منها لأنل شرفًا مثلَ أمي وابي الذي يأتي إليكِ كل يوم ولا يصطحبني معه ، وللبراءة الممتلئة بنا نحملُ شيئًا من ثمر "التمر" ونقول هاكِ هدية أمي هيلة () وتضحكين لبراءتنا وللمشاكسة التي لا تنتهي ! جَدتي الرؤوم : ) أكفُنا لا تسأم بالدُعاءِ إليكِ دُعَاءً كثيفًا دُعاءٍ بلُقيَا المنابِر في الفردوسِ الأعلى جمعنَا الله فِي جنةٍ عَرضُها السَمَاواتِ والأرض ورقنا اللذة إلى وجههِ الكريم مع الرسول الكريم عليه أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التَسليم : ) |
نُخبئ أنفسُنا بعيدًا عنِ الرمَادِ عن السَواد عن الشَوائِب التي تتشبثُ بشدَّة ،
لأجلِ الأصدقاء / لأجلِ أمي حبيبةُ قلبي ، لأجلِ الجنَّة ! |
الرسَائِل المُؤجلّة لا تزالُ مُبللة
والشريطة المُلتفة من حولها لم تكن عُقدة يصعب فكها بعد ! وكُونُوا على ثَقِةٍ بربكم بأنَّهُ يتطلعُ عليها دائَمًا ، وتذكروا أرواحنَا تحتاجُ إلى صلاةِ استسقاء عميقة :" |
فِي كُلِ عثرة نَسقطُ بهَا تتبخرُ رائحة جديدة تُسمى إنجازًا ،
إنجاز .. إنجاز .. إنجاز ذلكَ لا يعني أن نفعلَ شيئًا عَظيمًا ، أن تستيقظْ مِن نومكْ وتذهب إلى المسجد بخطواتٍ ثابتة بخطواتٍ تصعدُ بك إلى السمَاء ، وأن تمَلأ أوقاتِ فراغكَ بالإستغفار بالتسبيح بذكرِ الله ، أن تبتسمَ في سيرك أيًّـا كان من أمامكْ . بداية الحيَاة يبدأ بقطرة من صنبورِ الماء فلنسيطر على أنفسنا في إغلاق الصنوبر و فتحه : ) |
أشكركِ عميقًـا !
ولتعلمِي أننِيّّ أجهلُكِ و أجهلُ تفاصيلكِ ، وأجهَل تصرفَاتُكِ ، وكلّ شيءٍ يتشبثُ بكِ ، أو أرادَ أنّ يشبثَ بكِ أو شيءٍ يتصلُ بكِ ! مِن الطَبيعِي أن أكُونَ مُمتنةٌ بدرجةِ الأشيَاء التي حصلت فِي قَلبي أو رُبما لي شخصيًا بما أننِي انفصلتُ تمامًا من قلبِي - كما أراه - ، كُنتُ محقّة فِعلاً فِي البُكَاء بَل وأيضًا بالأوجاع التي تَظهرُ ليَّ وكأنهَا خيوطًا سميكَة جدًا وكأنها خُيوطِ عَنكبوتٍ مُريب ، كُنتُ مُحقّة فِي ضَجري من قَلبِي مني - خصيصًـا - ، كُنتُ مُحقّة فِي زَفيري المتذبذُ بينَ هذا وذاك ، مُحقة فِي هاجسِي الذي يأبى أن يرتكزَ فِي مكانه المُعتاد . كُل هذه الأشيَـاء تحدثُ خلال ثلاثةِ أيام ، ثلاثةِ أيام كانت ممتلئة بالبُكَـاء ، كانت بالنسبة إليّ مُخيفة / مُريبة كشبكة العنكوت تمامًا كظلامِ الليل الدامسِ فِي غُرفةٍ مهجورة فِي العليّّة كأوجه الأطفَـال الوجلون فِي كُوخٍ خالِ من سقفٍ قويّ كثيابُ الأجنّة تحتَ رُكامٍ أشياء قديمة لا تُعرفُ إطلاقًـا كُل ذلك يَحدثُ خلال أيَـام . |
كُنتُ مُشتبثَـةٌ بكلمةِ الصَداقَـة بتفَاصِيلهَـا ، بأحاديثهَـا ، بشُروطِهَـا ، بِملامِحهَـا ،
بأيّ شيءٍ قَدّ يَتصِلُ بِهَـا ،لماذا كَانَ عليَّ أنّ أهتمُ بِها بقدرِ إهمَـالِي لنومِي ، بقدرِ إهمَـالِي لأشيَـاء قَد كُنتُ أرسمَها خارج نِطاق دائِرتي المخنوقَة ، بقدرِ حُرمانِي من البسمَة التي رُبمَا لا تُكلفنِي شيئًا رُبمَا تجعلنِي بخيرِ أو بسعادة أو براحةٍ سَرمديّة ليسَ مُهمًا أنّ أعلمُ عَدد الأيَـام التي أكونُ فيهَا بخيرٍ أو بسعادة أو أيُّ شيءٍ ليسَ يُعكرُ مزاجِي أو مزاجَ أُخوتي أو أمِي أو حتَى جدتِي -لو كانت حيّة فقط- . "جدتِي جدتِي تلكَ الرُّوحُ سَمَاء يا آخرون سمَاء والسمَاء ليست أجمل من رُّوحِ جَدتِي ، جدتِي أشعرُ حينمَا أنظرُ إليها ببسمتها بحديثها بملامِحها بل وحتى الأشياء التِي بجانبها " كوب ماء ، دواء ، وعاء ماء لأجلِ الوضوء ، فراش صغير لأجلِ القيلولة ، صندوق صغير ، أشياء أحتفظُ بها في قلبي " أتوقعُ حُزنَ جدتِي العميق عليّّ رُغمَ مرضهَا الذي يَقتلني ويؤلمنِي ذُبول وجناتها ، جدتِي تُحبني وأنا أُحبُّها ولا أحد يُنافسُ حبها العميقُ فِي داخلِي . آواهٍ يا جدتِي ، لا أظّنُّ أننِي سأكون حزينة عند وجودكِ بجانبِي فِي هذه الأوقات ، جدتِي أفتقدكِ جدًا ." كُنتُ أبكِي البَارِحَة فِعلاً كُنتُ حزينة على أُمتِي على جدّة على مصر و السودان وغزّة القَلبّ ، غزّة التي أحتفظُ باسمها فِي جداريَّـةِ قَلبِي وأدعو لها كثيرًا أكثر من دُعائِي للأصدقَـاء ولنفسي ، وحزينةٌ أكثر على نفِسي المكلومَة نفسِي التي أجهلُها أكثر من جهلِي بأصدقائِي / بأشيائي المتشبثَة بيّ . |
إنَّـه الصَبَـــاح
يأتِي اللهُ بالبشَـائِرِ لا تَخَـفْ !* العَنود المحمود أُمنياتُكم المُتكدسَة فِي زوايَـا صُدوركم الضَـائقَـة ، الضَـائقَـة من هَذه الحيَـاة العميقَة قسوةً و ألمًا وتفاصيل كبيرة تؤلم القَلب وتُهلكُ الجسد . لأجلِ ذلك ولأجلِ أنَّ قُلوبكم أمانة عليكم أريحوها بـ"صلاةِ الضُحى" لا تجعلوا بكاؤكم شحيح ولا سؤالكم قليل ، اخرجوا أُمنياتكم وتفاصليكم لا تبقوا شيء في صدوركم .. أخرجـــوها . |
أُريدُ أن أُكبرَ عُمرًا واحدًا ، وأن أرتفِعَ درجـةً واحدة ، أُريدُ أنّ أُرتبَ تفاصيلي بهدوء كهدوءِ الحيَـاةِ المُزعِج والمُرتبِك فِي وقتٍ واحد دون فواصل زمنيَّة بعيدة ، أُريدُ أنّ أُتقنُ الرسمَ البيانيّ جيدًا ، وأنّ أُتقن حُدود الزوايا ،
أُريدُ أن أُرتبَ جلستِي على رفِ الكتابَة ، أنّ أملأ جوفِي بلغةٍ سهلة مُدهشَة ومن ثُم أُرتبها ابتداءً من رسَائِل السَمَاء وتنتهِي بأنَـا تنتهِي بأمانيّ غزّة ، أُريدُ أن أُرسم وطنًـا خاصًا لأمي ، فهِي أُمِي غُصنُ الجنَّـة ، وطنًا خالي تمامًا من تفاصيلِ الحُزن من تفاصيل مُزعجة . |
الساعة الآن 03:05 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها