إملاءات المطر

إملاءات المطر (http://www.emlaat.com/vb/index.php)
-   منابرٌ فوق السحاب (http://www.emlaat.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   امتداد للبراح النقدى (( علي الفسى وعباءة خيبات الأمل)) (http://www.emlaat.com/vb/showthread.php?t=2797)

سعد الحمري 05/10/2009 06:11 PM

امتداد للبراح النقدى (( علي الفسى وعباءة خيبات الأمل))
 


الرائعين آل المطر اجمعين لسهول تصفح البراح فإننا ومند هده الدراسة سنقوم بإنزال كل شاعر وأديب ومبدع فى دراسة مستقله تنتمى للبراح الرئيس:
دعوة لبراح نقدي لنا جميعا , هاتوا أيديكم

كونو بالقرب دائما فهدا البراح منكم واليكم ولايكتمل الا بكم وبنقاشاتكم وحواراتكم

يدى امدها للجميع ليكونوا لى عوناflwr2

والله المستعان

ايها الاعزاء

تعمد الكتابة الى تفريغ الشحنات ذلك ادعى لوجودها فهى المنفس وهى لحظة الانبلاج الصادقة التى من خلالها يواجه المبدع ذاته ..
وبين ايدينا اليوم كم هائل من الرموز ومسافة لايلحظها البصر من التأويلات ..
فهل قصدت انسكابات الذات المبدعة ذلك أم ان هذه الارهاصات المغرقة فى الرمز جاء منبثقة مع لحظة انسكاب الكتابه

عندما ندخل عالم الماورئيات نكتشف ان الحقائق هى من انسكب على الورق فلماذا كلمة ماورئيات التى تؤدلجنا للنظر للامر من زوايا عديدة (( الماوراء/ماهو الا كلام خلف الكلام/ ماهوالا الكلام الغائب عن الاذهان/ماهوالا الكلام الرمزى/ ماهو الا الكلام المجهول/ ماهو الا الكلام الذى يعود بنا الى الوراء لاحظ أن العودة للوراء هى فى عرف الكلام تراجع )) هذه التعابير تجعلنا فى حالة استفزاز مع النص الابداعى ولغرض الولوج اليه لابد لنا ان نقراء ماخلف السطور لنصل الى الغاية التى كتب من اجلها النص.
ولو محصنا الامر فإن الانفعالات والمشاعر الكامنة في النفس لدى الشاعر، نَتَجَتْ عن وقع العالم الخارجي، وتظلُّ أكثر غموضاً إلى حين التعبير عنها، انفعال يكمنُ في النفس، ينتقي اللغة التي يستخدمها الفنان للتعبير، والشاعر في لحظة الإبداع يتغلغل إلى جوهر الأشياء ليدرك منها ما يخفى على الناس وعليهِ هو نفسه في لحظات .
فى هذه الدراسة سأتطرق الى التداعيات التى خلفها لنا النص من خلال انبثاق الصور وتحطمها امام اعيننا



اقتباس:


زيت قناديلي .. من ذاتي
فذاتي .. تُـذيب ثرثرتها في فنجان
وتسكبهُ في القناديل
بعضي ينتشي تعباً .. عرقاً
وبعضي .. مازال مبهوراً ببقايا حلم



إن الحالة التى يخلفها مقطع مثل هذا ستقودنا الى انه حالة اعتراف من الشاعر بكم مايحمله من مشاعر واحاسيس ذلك بأنه يطلق لحظة التنوير (( زيت القناديل )) انبثاق من ذاته
القنديل هنا قد يعطى لمحة الضؤ لكنه بالمقابل ايضا قد نستطيع ان نشم رائحة الاحتراق التى تولدها هذه القناديل اذا فالشاعر يضعنا فى هذا النص بين المطرقة والسندان
القناديل التى يملأها زيت من شعره وذاته المنسكبه فى هذا النور وأيضا يعطينا لمحة عن معاناته كشاعر ابان هذا الاندلاق ..اندلاق الزيت فى القناديل الذى يولد احتراق يبدو أنه مزعج للشاعر فهو يعاود للذات التى تكمن ثرثرتها فى فنجان التى بدورها تدلقها فى هذه القناديل المتوهجة وهنا ايضا يؤيد الشاعر ماقلنا فيقسم بعضه
الجزء المحتر ق/ ينتشى تعبا وعرقا
الجزء المضىء /مازال مبهورا ببقايا الحلم.

اقتباس:

اقتباس:


فحين سَمَـوْتُ .. سَمَـوْتُ عن كوخي
رأيت سقف كوخي تملأه الثقوب
وحين سَمَـوْتُ .. سَمَـوْتُ عن قريتي ..
رأيت سقوف قريتي صحوناً نظيفة وصفيحاً صدئاً .. ولصوص
وحين سَمَـوْتُ .. سَمَـوْتُ عن وطني
رأيت سقف وطني شموساً تـزَّاور ذات الشمال
وحين سَمَـوْتُ .. سَمَـوْتُ عن كوني
رأيت سقف السماء .. ومت .




الان بات من الواضح اسباب هذا التنوير المبدئى والاحتراق اللامتناهى فى النص
الرؤيا اخضعت الشاعر للحظات تنوير اقتبس منها الحرقة التى يعنيها مجردا الاماكن فى لحظات السمو
((الكوخ/ االقرية/الوطن/ الكون))

لحظات السمو جاءت بشكل التدرج الراسى فلحظة الاكتشاف والتنوير
فى البداية من الكوخ/ سقفه تملاءه الثقوب/ خيبة امل
الثانية فى القريه/ صحونا نظيفة وصفيحا صدئا / خيبة امل
الثالثة/الوطن شموسه تزاور ذات الشمال ((الاتجاه الخاطىء)) /خيبة امل اخرى
فالازورار نحو الشمال هو رمز لإصحاب الشمال الفاسدون السيئون الذين نتعمد ان نطلق عليهم لصوص الوطن
وهو أتكاء على الرمز فى القرآن الكريم يقول الله فى محكم كتابه
اقتباس:


بسم الله الرحمن الرحيم

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ }

سورة الحاقة25





الرابعة /الكون(( رأيت سقف السماء...ومت / خيبة اخرى...

اقتباس:



قنديلي يخلق لي ظلا ً
وكم تعب ظلي يتبعني
شفتي يهزها برد الهروب
وليس بيني وبين اشتهائي سوى وهج لغتي
وليس بيني وبين لغتي سوى كلمة أو كلمتين
أخاف أن تشيَ بي
فيجبرونني أن ألبس بـزَّة المهرج
وأقضي ليلتي مع العناكب
وأظل حتى الصباح
أذرف الظلام .. ودموعي تظللني


.



ان الشاعر هنا يذرف الدموع مجانا على حالات خيبات الامل التى علقها فى بدايه النص
لكنه يحتكم الى الصمت تاركا الماوراء لنا لنفسره فهو يعبث من خلال اللغة بمكنونات صار سردها امرا مقيتا

القنديل يخلق ضلا والضل يتعب ! ...
حالات الاشتهاء عند الشاعر هى حالات مملؤة بالخوف / وهى مصادرة بينه وبين ذاته لكنه يلمح لنا أن لايملك الا البوح ((وهج اللغة)) واللغة يعترف بأنها قاصرة عن التعبير ((فقيرة)) ((كلمة او كلمتين)) ليس إنه خاوى الوفاض فهو كشاعر امتلك زمام اللغة لكنه خوف الذات ان تشىء هذه اللغة به ((تفضح الماوراء))
ولتكن النتيجة وبال على الذات الخائفة فهى من يدفع الثمن فيحولونه الى مهرج خانع او يقضى ليلته بجانب العناكب و يذرف الدمع
لاحظو هنا ان الدمع بات متوحدا مع القناديل التى تشتعل وتضىء وتحرق القناديل تخلق للشاعر ظلا وكذلك دموعه تظلله...

اقتباس:



كان لقلبي عينين .. مغلولتين ..
و لساناً ضاقت به التعابير
... ومتسعاً من الوقت .. ليبكي
وكان له كفين ..
استطالت حتى تخوم السحاب
وفي كفيه .. تشابكت خطوط انطوائه
كان لقلبي أيضاً شتاءً فوق الغيوم
وكان بوسعه أنه يثوي
ويطيل مكوثاً خلف الضباب
حيث تأتي الظباء .. لتشرب من ينابيع الأفول
فتخبئ كل ظبيةٍ سنبلة بين نهديها




ان استمرار النحيب فى القصائد جلها إن لم نقل كلها ناتج على ان الذات المبدعة اكتشفت تداعى خيبات الامل ونتج عنها حالات متفردة فى الانطواء والانزواء ةالاغراق فى الرمز .
الشاعر فى النص السابق يسترسل فى سردية مشهدية يتوج بها نصه ..مغلقا تلك الفسحة مابين الشعر والقص وبالتالى نستطيع ان نقول قصيدة قصة او قصة قصيدة فكلتا الحالتين تجوز امام تداعى صورا وكذلك سلاسة السرد
لكننا امام المواربه التى نستمتع بحل رموزها وكأننا اما لعبة للكلمات المتقاطعة
فالقلب الذى كانت له اعين لاحظو الاتكاء على كان وهى من الافعال الماضية الناقصة ((مغلوله))
عندما نقول عن شخص بأنه يرى بعينى قلبه فنحن نعنى ان له بصيرة وفراسه (( كانت موجودة لدى الشاعر لكنها مغلولة))
يعاود الشاعر الاتكاء على كا ن ليرينا ايضا انه كانت له كفين تطاولان السحاب مرموز يعود بنا الى الاكتشاف ايضا


اقتباس:




وخلف الضباب ..
حيث تأتي الظباء .. لتشرب
تبخرت ينابيع الأفول
وخلف الضباب ..
لازال قلبي يحالف كوكباً بربرياً ..
مُجتثــَّـاً من رحم الأزل
ولا زال يحالف .. جسداً
يحمل اسمي
نغماً بليداً يصارع احتمال السقوط
ليصير الـرصيفُ أكثر اكتمالاً من البدر
ويراهن باقتراب الليل من أهدابي
ويقول لي :
أعرني و جهــاً ولو لمرة واحدة
و هو لازال يحالف عمراً
يوارب باب الزمن
وهو لازال يحالف مرارة صدري
حجراً حجر ..
و هو لازال يفتش عن ربيع جديد
موسوم جلده .. بتجاعيد الخريف
ربيع .. يكفر بطعم التمر والزيتون
فيستدير رُكاماً .. على أبواب المدينة
وهو لازال ..
.. يخفق بخفوت
لا شيء يوجعه سوى رؤيا
على شرفات الغياب
و حكاية سُرقت من أدراج ٍ مُحكـَمة الصمت
وهو لازال ..
يبحث عن يقين ٍ بين السطور





سنلاحظ فى المقطع السابق أن الشاعر الذى كان يتكى على الماضى المستمر ((كان لقلبى عينين))(( كان له كفين))((وكان له ايضا شتاء))
يعود بنا بعد ان استمتع بلعبة اللغة البديعة لكنها فى ثوب الاستمراريه ((لازال))
وهذه الاستمراريه هى لب القصيدة فالسرد السابق الذى اعتمد على الافعال الماضية كان ارهاصات للاستمرارية المنسكبة من الذات المبدعة التى تتعمد ان تقول لنا ان الاستمرار مازال يتسيد النص وان خيبات الامل لاتزال متواليه.

أيها الاعزاء هذا ليس كل شىء فالحقيقة اننى امام نصوص الرائع على الفسى اصبح كم يجوس ارضا غريبة مملؤة بالرموز والطلاسم فدراسته قد تستوجب العديد من الاجزاء

للحديث بقية ولكم التحية


.

ابتسام آل سليمان 05/10/2009 07:15 PM

سلاما
حي هلا بك شاعرنا الرائع علي الفسي وحي هلا بجمالك (الماورائيات الثمانية )
شكرا لك أستاذنا سعد لطيب الانتقاء ..
لجهودك العظام شكر و عرفان .

فتحية الشبلي 05/10/2009 08:58 PM

أهلاً بـ شاعرنا المبدع / علــى عُمر الفســــِى
سيكون للبراح هنا مساحات أكثر براحاً وجمالاً ...

مودة وتقدير ووافــر أحترام ..

عبد العزيز الجرّاح 05/10/2009 11:19 PM


أهلًا بـ الماورائيات وشاعرها،
اختيار رائع للشاعر الجميل / الفسي ..

أما فكرة المتصفح الجديد فإنها جميلة وتسهل على الجميع تصفح الدراسات النقدية
الرائعة التي يقدمها الأستاذ الناقد / سعد الحمري.

شكرًا للأخ / علي الفسي قبوله الاستضافة والشكر موصول للمتألق / سعد الحمري.

إمتناني للجميع ..

ذكرى بنت أحمد 06/10/2009 11:31 AM

اقتباس:

لحظات السمو جاءت بشكل التدرج الراسى فلحظة الاكتشاف والتنوير
فى البداية من الكوخ/ سقفه تملاءه الثقوب/ خيبة امل
الثانية فى القريه/ صحونا نظيفة وصفيحا صدئا / خيبة امل
الثالثة/الوطن شموسه تزاور ذات الشمال ((الاتجاه الخاطىء)) /خيبة امل اخرى
فالازورار نحو الشمال هو رمز لإصحاب الشمال الفاسدون السيئون الذين نتعمد ان نطلق عليهم لصوص الوطن
ياااه ، تتقن ترجمة المشاعر .. بِلغة من نوورْ !
شكراً لاختياراتك أ.سعد !
الشاعر / علي الفسي ، شكراً لأنك هناَ

متابعة بحول الله ، :)

:rose:

فتحية الشبلي 07/10/2009 06:48 AM

أهلاً بضيف البراح ..
 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة لرواد البراح وسيد البراح وضيف البراح الفاضل / علي عمُر الفسِِـى

بداية ً يسعدنى جداً ويشرفنى أن أغوص فى خِضم القراءة المتواضعة لهذا القلم الباذخ والذي أقف أمامه برهبة ٍ وإجلال .
فاللكاتب رهبته وللقلم قوته ، ولكنى سأحاول وبكل تواضع أن أستقرئ بعضاً من ماورائياته المميزة .
للكاتب نصوص عديدة زين بها مساحات إملاءات المطر ولكن نصه المميز ما ورائيات يظل أكثرها عمقاً فهى سلسلة تعتمد على فلسفة غائرة في العمق تكاد تنتمي إلى الميتافيزيقا التي تشير إلى ما وراء الطبيعة ، كذلك هذه النصوص تشير إلى ماوراء المعني فالقارئ العادى الغير متمعن لا يستطيع سبر غور المعنى اللاورائي الذي يقصده الكاتب
ولو نظرنا إلى هذه النصوص نجدها فلسفية الي حد ما وربما لكل قارئ منا نظرته ، وإستنباطاته ، وتفسيراته التي قد تختلف عن المعنى الذي يقصده الكاتب وهذا في حد ذاته يحمل بين طياته دلالة ً واصخة علي عمق الكاتب ، وتفرده .
فضلاً عن ذلك فإنى كلما قرأتُ للكاتب أجد نفسى فى عالم ممتد من البلاغة اللُغوية المدهشة .
فهو يستخدم جملاً تعبيرية مؤثرة ومدهشة فى آن واحد أحياناً وبصدق يصعب على إستعيابها فأجد نفسي رهينة الدهشة ، وسبية الإنبهار الآتى من سحر القلم فتقف كلماتى عاجزةً أمام هذا الزخم المتتالى من جماليات اللغة .


فى ماورائيات 6

نجده يقول .....

رأيت فيما يرى النسيان

قصيدة ً تمشي حافيةَ المعاني ..

فوق قممٍ مدبَّبة البلاغة .. والحروف

ومازال هناك مُتسعٌ من الخريف

لأحرثها علي جسدي ..



هنا نجد بلاغة فى التعبير ، وفي ثنايا النص حزن ونحيب صامت .
هل هناك ثمة قصيدة تمشي حافية المعانى فوق قمم مدببة من المعانى والحروف .. أمر صعب بالتاكيد !!
فهذا التناقض المُثير يحمل بين طياته إثارة وتشويق للمتلقى ، ويحفز الرغبة لديه للغوص أكثر للوصول الى المقصود ..!!
وان كان كما يقولون المعنى فى بطن الشاعر ألا أن هذا الجمال يغري بالغوص فيه كمحاولة للوصول إلي المعنى العميق الذي يقصده الشاعر

من خلال قرائتى المتواضعة للمبدع / الفسى لاحظت ان هناك نوع من الحزن القابع فى زوايا النفس مما يضُفى علي نصوصه مسحة حزن ، تكاد تطفو على معظم نصوصه ربما حزن على ماضٍ ما أو فقد ما ، أو واقعا ما ، أو ربما يكون حزنا تراكمياً ، سكن بذات الشاعر ، ولهذا تأتى نصوصه متوشحة برداء الحزن فجاءت أكثر تأثيرا ً فى المتلقى
فالكتابة عند الشاعر هنا تلعب دوراً حيويا فى إخراج مكنوناته والتنفيس عنه ، لذلك نجده يكتب وكأنه يسكبُ أوجاعه علي الورق
هنا نجده يقول
من ما ورائيات 7 ...

ممحوٌّ اسمي من شاهد قبري الرسمي
فأنا ميت من ألف مخاض
هو ذا شرياني المتوحد فيك
مازالت تمتصهُ ياقات بيضاء
في أرخص ليلٍ مجلوَّ النجمات
هي ذي روحي المنخوبة بين فراديس التيه
هو ذا عيشي
هو ذا ملحي
المحشورَين .. بين فضاءِ الإيقاع الهمجي والفوضى
و نافلتين
و لساناً مشقوق النبرات
هي ذي .. رسائل غيم أقرأها
حريرية
فأقرأ عجزي الـــ ...
وتنام رغباتي في الظل
هي ذي رؤياي أنثرها


الله على هذا الإنسكاب ، الذات الموجوعة تتحدث هنا عن أوجاع مصحوبة بخيبات أمل ، ربما ناتج عن فقد ، أو فراق قسري خاضع لظروف قهرية فجاءت الكلمات هنا معبرة ، وموجعة، ومؤثرة إلى حد الألم وربما حلاوة التعابير المنتقاة قد أضفت علي الألم نكهة لذيذة


كلانا .. كان يمشي في خط متواتر
هو ذا عش
هو ذا .. نعش
هي ذي قسمات الرحيل
تتدلى كالبندول في ذهني
رحيلٌ نضطرُّ إليه
لكي نبقى مجرد ساعة من عدم
وأرقام الساعة ممحوّة



هذا المقطع فيه من الحزن والبلاغة التعبيرية الشئ الكثير ، فألم الفراق والرحيل أنسكب وجعاً ، وأهات حرى ، وحسرة وألما ، على الورق ، فجاءت الكلمات على سجيتها وجاء نقل الكاتب لهذا الأحاسيس موفقاً لدرجة الذهول !!!

أيضا نجد الكاتب يغرق فى الرمزية كثيراً ، مما يستعصى على المتلقى العابر سبر غور المعنى ، الذي لا يمكن الوصول إليه ألا من خلال قراءة متأنية ، ومتكررة، وعميقة فكتاباته أشبه ببئر ٍ عميق لا يمكن الوصول إليه ألا بجهد جهيد .
والرمزية التي يعتمدها الكاتب في كتاباته تعد مُحببة ومُغرية فيها نوع من إستثارة ذهن القارئ لفك طلاسمها وفهم معانيها .
وليست تلك الرمزية المُبهمة التي تثير ملل القارئ وتقتل رغبتهُ في الأستمرا ر في القراءة .
والرمزية هنا قد تكون سياسية فيها إشارة إلى رفض ما ، أو إستنكار أو ما شابه ، وقد تكون إجتماعية يرمز من خلالها إلى وضع سيئ أو ظروف قاهرة أو ما شابه .

وكما قال السيد / الحمري فأن ماورائيات هى مسكوبة ومنبثقة من ذات الكاتب


ولعل هذا المقطع من نص ماورائيات 8 دليل على ذلك

زيت قناديلي من ذاتى .. فذاتى ... تُذيب ثرثرتها فى فنجان ... وتسكبهُ فى القناديل
بعضى ينتشى تعباً .. عرقاً ... وبعضى مازال مبهوراً ببقايا حُلم



ففيها إحتراق داخلى بذات الكاتب وما هذه الكلمات سوي تعبير عن هذا الإحتراق ولعل الفنجان هنا هو الورق الذي يحوي هذه الكلمات
فلسفة جمالية مبهرة جداً ..!!!!

ولعل الشاعر هنا يتخذ من الماوراء عباءة يخفي ورائها ما يمكن أخفاؤه من مشاعر ، أو خيبة أمل ، او حزن فيغلفها بتفنن حتي لا تشي به
ولعل هذا المقطع أكبر دليل على ذلك التخفى .

من ما ورائيات 8


قنديلى يخلق لى ظلاً ، وكم تعب ظلي يتبعني ، شفتى يهزها برود الهروب ، وليس بيني وبين اشتهائي سوي وهج لُغتى وليس بيني وبين لُغتى سوي كلمة أو كلمتين ، أخاف ان تشي بي ، فيجبروني ان ألبس بزة المهرج وأقضى ليلتي مع العناكب وأظل حتي الصباح أذرفُ الظلام ، ودموعى تبللني


لُغةً مدهشة ومؤثرة وبليغة إلى حد الترف وفيها من التخفى الشئ الكثير ،
هنا أقف عاجزة عن أى تفسير أو تبرير لما كان عليه حال الكاتب هنا لحظات كتابة هذه الكلمات المعبرة

فضلاً عن سلسلة الماورائيات نجد الكاتب قد كتب عدة نصوص رائعة ومعبرة
وهذا نصه الجميل الذي يشدنى كثيراً لما فيه من تعابير صادقة عن الغياب
فيقول في نصه ( على صفحات الغياب )

كغربتي


هذا البعد مني


كضني كالمسافات الطويلة


كحياة دون مال كالردى كالموت غيلة


هنا يشبه الشاعر البعد والغياب بالمسافات البعيدة ، ثم الحياة بلا مال والتي تكون بالتأكيد صعبة ولا يمكن استمرارها علي اعتبار ان المال وسيلة للعيش فيها .
ثم شبهه بالردى والموت غيلة
تشبيهات وكنايات موفقة كثيراً ومعبرة اكثر
ونجده يقوا ايضاً


أنقذيني .. يا خليلة


عـلَّـني أغدو ملاكاً ..


جاب دنياه بليلة ..


ليقول في هواك شعراً


فانصتي لي كي أقول


كي أقول ..


أنك نارٌ ونور


وأنك ..دنيا جميلة


أنك صمتٌ يثور


في ليالينا الخجولة


لك أيام الحبور
ومسافاتي الطويلة


..


الله على هذا الجمال المسكوب بسخاء ... هنا شبه الحبيبة بأنها نار ونور مزيجان متناقضان
وانها صمت يثور ، بلاغة وإزدواجية مدهشة صمت ويثور !!!


أكتفى بهذا القدر من القراءة لأترك للآخرين المشاركة ، فبقدر خوفى من الولوج إلى هذا المتصفح الثري بقدر سروري وإبتهاجى بهذه القراءة لهكذا كاتب مميز ..
شكراً للكاتب الشاعر / على عُمر الفسِى
وشكراً موصولة للناقد سيد البراح الأستاذ / سعد الحمرى
وشكراً ثالثة لـ كل من ترك بصمته هنا ولكل عابر من هنا

مودة و تقدير و أحترام / للجميع وهذflwr2ه

ندى عبدالعزيز 07/10/2009 07:38 AM


:://::
فكر مجيد بقراءه عميقة لحروف أبهى وأنقى,,




ابتسام آل سليمان 07/10/2009 01:09 PM

سلاما
وما كان من حضور مفعم بالثراء النقدي من أ.سعد و الرائعة فتحية لا يمكنني معه إلا أن أتدثر بالصمت و أحتمي بالتأملـ...
امتناني لإبراز الجمالـ الماورائي..!

سعد الحمري 08/10/2009 12:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وحي (المشاركة 48881)
سلاما
حي هلا بك شاعرنا الرائع علي الفسي وحي هلا بجمالك (الماورائيات الثمانية )
شكرا لك أستاذنا سعد لطيب الانتقاء ..
لجهودك العظام شكر و عرفان .




الرائعة وحى

الشكر موصول اليك لكونك من يثير حراكا فى هذا البراح

كونى بالقرب دوما

كونى بخير



علي عمر الفسي 10/10/2009 01:47 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعد الحمري (المشاركة 48869)


الرائعين آل المطر اجمعين لسهول تصفح البراح فإننا ومند هده الدراسة سنقوم بإنزال كل شاعر وأديب ومبدع فى دراسة مستقله تنتمى للبراح الرئيس:
دعوة لبراح نقدي لنا جميعا , هاتوا أيديكم

كونو بالقرب دائما فهدا البراح منكم واليكم ولايكتمل الا بكم وبنقاشاتكم وحواراتكم

يدى امدها للجميع ليكونوا لى عوناflwr2

والله المستعان

ايها الاعزاء

تعمد الكتابة الى تفريغ الشحنات ذلك ادعى لوجودها فهى المنفس وهى لحظة الانبلاج الصادقة التى من خلالها يواجه المبدع ذاته ..
وبين ايدينا اليوم كم هائل من الرموز ومسافة لايلحظها البصر من التأويلات ..
فهل قصدت انسكابات الذات المبدعة ذلك أم ان هذه الارهاصات المغرقة فى الرمز جاء منبثقة مع لحظة انسكاب الكتابه

عندما ندخل عالم الماورئيات نكتشف ان الحقائق هى من انسكب على الورق فلماذا كلمة ماورئيات التى تؤدلجنا للنظر للامر من زوايا عديدة (( الماوراء/ماهو الا كلام خلف الكلام/ ماهوالا الكلام الغائب عن الاذهان/ماهوالا الكلام الرمزى/ ماهو الا الكلام المجهول/ ماهو الا الكلام الذى يعود بنا الى الوراء لاحظ أن العودة للوراء هى فى عرف الكلام تراجع )) هذه التعابير تجعلنا فى حالة استفزاز مع النص الابداعى ولغرض الولوج اليه لابد لنا ان نقراء ماخلف السطور لنصل الى الغاية التى كتب من اجلها النص.
ولو محصنا الامر فإن الانفعالات والمشاعر الكامنة في النفس لدى الشاعر، نَتَجَتْ عن وقع العالم الخارجي، وتظلُّ أكثر غموضاً إلى حين التعبير عنها، انفعال يكمنُ في النفس، ينتقي اللغة التي يستخدمها الفنان للتعبير، والشاعر في لحظة الإبداع يتغلغل إلى جوهر الأشياء ليدرك منها ما يخفى على الناس وعليهِ هو نفسه في لحظات .
فى هذه الدراسة سأتطرق الى التداعيات التى خلفها لنا النص من خلال انبثاق الصور وتحطمها امام اعيننا





إن الحالة التى يخلفها مقطع مثل هذا ستقودنا الى انه حالة اعتراف من الشاعر بكم مايحمله من مشاعر واحاسيس ذلك بأنه يطلق لحظة التنوير (( زيت القناديل )) انبثاق من ذاته
القنديل هنا قد يعطى لمحة الضؤ لكنه بالمقابل ايضا قد نستطيع ان نشم رائحة الاحتراق التى تولدها هذه القناديل اذا فالشاعر يضعنا فى هذا النص بين المطرقة والسندان
القناديل التى يملأها زيت من شعره وذاته المنسكبه فى هذا النور وأيضا يعطينا لمحة عن معاناته كشاعر ابان هذا الاندلاق ..اندلاق الزيت فى القناديل الذى يولد احتراق يبدو أنه مزعج للشاعر فهو يعاود للذات التى تكمن ثرثرتها فى فنجان التى بدورها تدلقها فى هذه القناديل المتوهجة وهنا ايضا يؤيد الشاعر ماقلنا فيقسم بعضه
الجزء المحتر ق/ ينتشى تعبا وعرقا
الجزء المضىء /مازال مبهورا ببقايا الحلم.



الان بات من الواضح اسباب هذا التنوير المبدئى والاحتراق اللامتناهى فى النص
الرؤيا اخضعت الشاعر للحظات تنوير اقتبس منها الحرقة التى يعنيها مجردا الاماكن فى لحظات السمو
((الكوخ/ االقرية/الوطن/ الكون))

لحظات السمو جاءت بشكل التدرج الراسى فلحظة الاكتشاف والتنوير
فى البداية من الكوخ/ سقفه تملاءه الثقوب/ خيبة امل
الثانية فى القريه/ صحونا نظيفة وصفيحا صدئا / خيبة امل
الثالثة/الوطن شموسه تزاور ذات الشمال ((الاتجاه الخاطىء)) /خيبة امل اخرى
فالازورار نحو الشمال هو رمز لإصحاب الشمال الفاسدون السيئون الذين نتعمد ان نطلق عليهم لصوص الوطن
وهو أتكاء على الرمز فى القرآن الكريم يقول الله فى محكم كتابه




الرابعة /الكون(( رأيت سقف السماء...ومت / خيبة اخرى...

.



ان الشاعر هنا يذرف الدموع مجانا على حالات خيبات الامل التى علقها فى بدايه النص
لكنه يحتكم الى الصمت تاركا الماوراء لنا لنفسره فهو يعبث من خلال اللغة بمكنونات صار سردها امرا مقيتا

القنديل يخلق ضلا والضل يتعب ! ...
حالات الاشتهاء عند الشاعر هى حالات مملؤة بالخوف / وهى مصادرة بينه وبين ذاته لكنه يلمح لنا أن لايملك الا البوح ((وهج اللغة)) واللغة يعترف بأنها قاصرة عن التعبير ((فقيرة)) ((كلمة او كلمتين)) ليس إنه خاوى الوفاض فهو كشاعر امتلك زمام اللغة لكنه خوف الذات ان تشىء هذه اللغة به ((تفضح الماوراء))
ولتكن النتيجة وبال على الذات الخائفة فهى من يدفع الثمن فيحولونه الى مهرج خانع او يقضى ليلته بجانب العناكب و يذرف الدمع
لاحظو هنا ان الدمع بات متوحدا مع القناديل التى تشتعل وتضىء وتحرق القناديل تخلق للشاعر ظلا وكذلك دموعه تظلله...





ان استمرار النحيب فى القصائد جلها إن لم نقل كلها ناتج على ان الذات المبدعة اكتشفت تداعى خيبات الامل ونتج عنها حالات متفردة فى الانطواء والانزواء ةالاغراق فى الرمز .
الشاعر فى النص السابق يسترسل فى سردية مشهدية يتوج بها نصه ..مغلقا تلك الفسحة مابين الشعر والقص وبالتالى نستطيع ان نقول قصيدة قصة او قصة قصيدة فكلتا الحالتين تجوز امام تداعى صورا وكذلك سلاسة السرد
لكننا امام المواربه التى نستمتع بحل رموزها وكأننا اما لعبة للكلمات المتقاطعة
فالقلب الذى كانت له اعين لاحظو الاتكاء على كان وهى من الافعال الماضية الناقصة ((مغلوله))
عندما نقول عن شخص بأنه يرى بعينى قلبه فنحن نعنى ان له بصيرة وفراسه (( كانت موجودة لدى الشاعر لكنها مغلولة))
يعاود الشاعر الاتكاء على كا ن ليرينا ايضا انه كانت له كفين تطاولان السحاب مرموز يعود بنا الى الاكتشاف ايضا






سنلاحظ فى المقطع السابق أن الشاعر الذى كان يتكى على الماضى المستمر ((كان لقلبى عينين))(( كان له كفين))((وكان له ايضا شتاء))
يعود بنا بعد ان استمتع بلعبة اللغة البديعة لكنها فى ثوب الاستمراريه ((لازال))
وهذه الاستمراريه هى لب القصيدة فالسرد السابق الذى اعتمد على الافعال الماضية كان ارهاصات للاستمرارية المنسكبة من الذات المبدعة التى تتعمد ان تقول لنا ان الاستمرار مازال يتسيد النص وان خيبات الامل لاتزال متواليه.

أيها الاعزاء هذا ليس كل شىء فالحقيقة اننى امام نصوص الرائع على الفسى اصبح كم يجوس ارضا غريبة مملؤة بالرموز والطلاسم فدراسته قد تستوجب العديد من الاجزاء

للحديث بقية ولكم التحية


.










الأخ العزيز سعد الحمري أعتذر بشدة عن تأخري وأنت تعلم أن ثمة أشياء غير متوقعة تختلس اللحظة منا .. لا تأتي دائماً كيفما نريد ، هي أشياء غير قابلة للتوقيت ، تتسمَّر عندها عقارب الساعة وترفض الدوران .
وها أنا أوقظ وجعي وأكتب بأحاسيس قلقة مضطربة ، أتوسد الحرف سبيلاً إلى إرثٍ مضاعف الشعور كمن يرغب في خرق جدار صمته الطويل ممتطياً كوكباً من صخب .
وأطرح كلمات تبحث عن معنىً مكبوت قد تتحول في نظر البعض إلى خربشات على الجدران.. تتجهم أفقاً أبعد .. في تصادم عبثي مع الواقع .
وقد يفسرها البعض الآخر بأنها هرطقة تنسج فواتير عاطفية مسبقة الدفع .
وأنا أراها كلمات تبحث عن معنى ماورائي نستعذب سطوته.. نألفه ُونستسيغ ُترفه
وها أنت تلتقط صورة إشعاعية لتلك الماورائيات لاستبطانها ، مشكـِّلاً فضاءً مشعاً حولها ، ورغم أن التوصلَ إلى مفهومٍ موحّدٍ للنصّ ( بصورة عامة ) مِنَ الصُعوبةِ بمكان , فعملية الاستقراءِ والتحليل هي عملية ٌمضافة ٌعليه وليست من صلبِ بنيانه الحقيقي إلا أنك حفرت فيها بحرفنة وأناقة ودقة وسلطت مخزون خبرتك باحثاً في طياتها عن يقين يفجر أدق مفاصلها وإشاراتها وجعلتها قابلة للوقوف على أطراف معانيها واستنطقت أثرها ولمست كائنيتها رغم أنها تستتر وراء جدارية تزدحم فيها الرموز وتتعثر فيها الصور.. وأعلم جيداً أنه ما زال في جعبتك الكثير .
دمت بخير


الساعة الآن 05:18 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها