هَاتِي يَمِيْنَكِ خَبِّئِيْهَا فِيْ يَدِيْ = وَتَسَرَّبِيْ فِيْ هَدْأَةِِ الْحُلُمِ النَّدِيْ
وَتَدَفَّئي بِيْ في شَفِيفِ مواعدِي = ورفيفِِ روحي في رِحَابِ تَوَحُّدِي
وَتَحَسَّسِيْ لَهَفِي وثورةَ مهجتي = وتَوَجُّسِيْ خَوْفَ الْغِيَابِ الملحدِ
وتسلَّقي قلقي وقسوةَ غربتي .. = وتَأوَّلِي يومي ونامي في غدي
وَتَسَلَّلِيْ عَبْرَ الْهُيَامِ قَصِيْدَةً = نشوى بعطري ، فاستباحتْ مرقدي
أو كلمةً طارت بأجنحَةِ الهوى = أنشودةً هَامَتْ بِعطرِ المنشدِ
أو غيمَةً أو نجمَةً أو نسمَةً = قد نبَّهَتْ أرواحنَا لِلْمَوْعِدِ
وترفَّقي بالقلبِ في سبْحاتِهِ = وتجاسري حلماً دنا وتمدَّدِي
في حلمِ روحي ، في انتفاضِ جوانحي = في لَهْفِ قلبي .. في استعَارِ تَوَجُّدِي
وتوَّهَجِي شمسًا بتولاً واهمسي = في سمعِ قلبي بالغرامِ وردِّدي
إِنِّي القصيدَةُ هَلْ أتاكَ غِنَاؤهَا ؟ = أفَمَا سكرْتَ بعطرِ رُوْحِي الأوحدِ
أو ما سمعْتَ نِدَاءَ أعماقي بها .. = والشَّوْقُ ينشرني ، يروحُ ويغتدي
ويبوحُ بي للرَّيْحِ عندَ عناقِنا = فَتُسِرُّنِي عطرًا لموعدِنا الندِي
سَتُذِيعُ للزِّهرِ الجهورِ هيامَنا = لا تأمنِ الأرياحَ عن سِرِّ الغدِ
لهفى ، وقلبي حينَ خَاصَرَهُ الهوى = أَعْطَاكَ روحي فاستلمْهَا سيِّدي
واقرأْ على لهفِ الجراحِ قصائدي = وابدأْ بعشقي للحياةِ تمرُّدي
هذا هوايَ البكرُ يُعْلِنُ وجْهَهُ = ويغيبُ في جُنْحِ الغرامِ السَّرمدي
فلقد تراهُ على رموشي دهشةً = أو في جلاءِ تبسُّمي وتورُّدي
ولطالما سَاءَلْتُ قبلَكَ ما الهوى = من قبلِ أن أهوى .. لحبِّكِ أهتدي
هَتَفَتْ إِلِيْكَ الرُّوْحُ من أعمَاقِهَا = وتولَّهَتْ .. يا فاتني .. يا منشدي
هَذِي يميني ، لهفتي في خافقي = فَاحْكُمْ هَوَاكَ عليَّ دُوْنَ تَرَدُّدِ
يا فتنةً أدمنْتُ سِحْرَ حديْثِهَا = وغناءَهَا وعِنَادَهَا لا تَبْعُدِي
يا طفلةً قد عوَّدتني لعبَهَا = تلهو بقلبي ثمَّ تغفو في يدي
قد أدمنَتْكِِ قصائدي ومواعدي = كوَّنتِ أمسي ، فلتكوني لي غدي

على رسلِ عينيكِ يامُلهِمه=أجيبي فؤادُكِ من تيّمهْ
ومن قطفَ الوردَ من وجنتيـ=ــكِ عِناقاً شهيّاً ومن كمّمَهْ
ومنْ أيقظَ الشوقَ في مُقلتيــ=ــكِ وصارتْ مشاعِرهُ مُرغَمهْ
فبُستانُ حُسْنِكِ يُغريْ الصُّخو=رَ فكيفَ قلوبٌ هُنا مُعْدَمَهْ
أجيبي رجوتُكِ يا كوكبي=إذا ماالليالي غدتْ مُظْلِمَهْ
قصَدُتُكِ أحمِلُ أغلى عقو=دي ولكنّ جيدَكِ لنْ يفهَمهْ
حُروفي وساوِسُ وهمي الجميـ=ــلِ وأبياتُ شِعري بِهِ مُحْكَمهْ
خيالي تعلّمَ وصفَ الجَلا=لِ لديكِ وسِحرُكِ من علّمَهْ
تأخّرَ شِعري أمام جما=لـكِ لكنّ حُسْنَكِ من قدّمَهْ
وعزفُ كماني تهادى إليـ=ــكِ فما أطيب العزفَ ما أحلمَهْ
سمائي بدونِكِ ليست سماءً=وعُمري بدونكِ ما أسأمَــهْ
فدقّاتُ قلبي تُريدُكِ أنــْ=ــتِ لأنّكِ أنتِ لهُ المُلهِمَـهْ

تَمُرِّينَ مِثْلَ الضَّوْءِ خَلْفَ غَمَامَةٍ=يَبُثُّ شُعَاعَ الحُبِّ وَهوَ بَعِيدُ
فَيَهْدِي مَسَامَاتِ القُلُوبِ حَياتَها=فَتَنْبُضُ .. وَالحُبُّ القَدِيمُ يَعُودُ
عَلَى جَمْرَةِ الذِّكْرَى حَدِيثُ حِكَايَةٍ=لَهَا لَوْنُ عُشْبٍ نَاضِرٍ وَورُودُ
تَدَثَّرَ بِالأَحْلامِ يَوْمَ وِلادَةٍ=فُؤَادِي .. وَقَالَ العَالَمُونَ : سَعِيدُ
وَأَنْبَتِتِ الأَشْعَارُ كُلَّ خَمِيلَةٍ=عَلَيْنَا .. وَنَبْضُ الخَافِقَيْنِ وَلُودُ
عَلَى قَلْبِهِا نَمَّقْتُ كُلَّ قَصِيدَةٍ=لِيَنْبُتَ فِي أَصْلِ القَصِيدَةِ عُودُ
تَرُوحُ خِمَاصَاً لَفْظَةُ الشِّعْرِ دُونَهَا=وَتَسْرِي بِطَانَاً إِنْ غَذَاهَا نَشِيدُ
وَقَدْ كَانَتِ الغَيْمَاتُ تَحْمِلُ وِدَّنَا=وَكَانَتْ بِكُلِّ المُحْيياتِ تَجُودُ
وَكَانَتْ بِمَاءِ الحُبِّ تَبْعَثُ نَبْضَنَا=إِذَا حُفِرَتْ بَيْنَ القُلوبِ لُحُودُ
عَلَى أَنَّهَا الأَيَّامُ زَيْفٌ لِعُمْلَةٍ=بِوَجْهَيْنِ مِنْهَا مُبْغِضٌ وَودُودُ
تَبَدَّل ذَاكَ الحَالُ حِينَ تَكَسَّرَتْ=مَرَايا الهَوى فِينَا وَذَابَ جَلِيدُ
تَهَشَّمَتِ الأَضْوَاءُ واغْتِيلَتِ المُنَى=وَغَنَّى عَلى لَحْنِ الشَّتَاتِ حَسُودُ
فَمَزَّقَ ذَاكَ الحُلْمَ ، وَانْتَفَتِ الرُّؤى=وَمَاتَتْ عَلى إِثْرِ الفِراقِ وعُودُ
فمَا عُدْتُ أَتَّشِحُ الضِّياءَ بِدُونِهَا=وَإِنْ عَادَتِ الأَضْوَاءُ..سَوْفَ أَعُودُ