إملاءات المطر

إملاءات المطر (http://www.emlaat.com/vb/index.php)
-   منابرٌ فوق السحاب (http://www.emlaat.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   زكريا تامر.. كأنه يرسمنا حين يكتب (http://www.emlaat.com/vb/showthread.php?t=1143)

سليمان منذر الأسعد 25/05/2008 01:51 PM

زكريا تامر.. كأنه يرسمنا حين يكتب
 
زكريا تامر.. كأنه يرسمنا حين يكتب

(المجلة) – (كاركتر) أيار/مايو 2008م

ساخر لا تعنيه قهقهة الجمهور ولا بكاؤهم حين يخرج ممثلوه عن النص المعدّ للمتفرج المثالي في مسرح يوشك على السقوط أمام جبروت العبارة التي تزدري تقاليد الحكاية ولا تحترم أعراف القصة، لأن المؤلف شاعر يكتب القصة بحبر القصيدة ويقول الشعر كما تحكى الملاحم.

هو ساخر يشق طريقه بين كومة من الخرائب كي يصل إلى فردوسه العامر بشهيّات القصص، فيكتب ملهاة لا تشبه الملهاة إلا في تطابق التسمية. فاختلاف الصوت يعطي ملهاته فرادة ترفعها عن مزالق التصنيف.. وكلما غار جرحه اتسعت ابتسامته واستحالت ملهاته بئراً مفتوحاً على بركان من الضحك والبكاء.

هو حداد يعيش في زمن الخشب.. يقف على أهبة الحنين أمام ورشته لينفخ في الكير سواراً لعاشق يستعد للغناء أو قلادة لصبية تنتظر ميعاد عرسها، لكنه لم يعتد أن يصنع بمطرقته أوسمة ونياشين زائفة.

ضاقت به دمشق/الحرائق أو اتسعت أحلامه عليها حتى استحال عليه رقع الفجوة بين رمادها وفضائه، فامتشق يراعه المهنّد ويمم شطر المنفى ليهرب بذاته من عالمٍ يعرج باتجاه الأمس إلى عالم يمشي مطمئناً نحو غد قريب، على أمل أن ينجز نصاً مكتمل الدلالة كي ينجو به من براثن التأويل المفرط في سذاجته، فنقاده مشغولون بحياكة الأثواب الجاهزة وهو لا يرتدي إلا العباءة المشرعة على الأسئلة والقميص المفتوح على أزرار البلاغة.

تامر مصاب بالمرض الذي نخشاه جميعاً: الوعي المفرط المترافق مع حساسية عالية تجاه القصة، وعلينا أن نتدرب جيداً قبل أن نجازف في استحضار قصصه من علياء سردها إلى حضيض فهمنا، فهو حين يختار أسهل الطرق للوصول إلى الذائقة وأشقها على المخيلة يشعر أنه مؤتمن على القصة دون أن يكون بالضرورة مكلَّفاً بصيانتها من سحر التجريب وبراعة التجديد، فهي تنسى ملامحها دائماً في مرآة لغته التي تنتشل الحدث اليومي البسيط من عاديته وتشهق به في اتجاه الرمز ليكون تأويله مفتوحاً على احتمالات كثيرة ونتيجة واحدة: أننا لم نجرب نشوة الوعي بعد.

لذلك كان على أبطاله أن يكونوا حيوانات، حتى يتخفف من مسؤولية تحميل البشر كلاماً أعمق من قدرتهم على تفسيره.. هي حيوانات تنطق وتمشي وتحكم وفق قانون يصوغه تامر على مقاس ثورته... فالحيوان أطوع في يده من إنسيٍّ قد يروق له في غمرة مكره أن يحشر قافية نشازاً في وسط الحكاية ليشوّه تفاصيل الحوار.

* * *

حاولتُ ذات صيف أن أظفر بحوار صحفي عاصف مع هذا النمر العصيّ على الترويض. اتصلت به في أكسفورد حيث يعيش، فرحّب مبدئياً بالفكرة على أن يقرأ الأسئلة، ثم سألني بحفاوة حين أخبرته باسمي عن سبب انقطاع والدي عن مزاولة مهنتهما المفضّلة: السخرية!.

أعددتُ أسئلة من الطراز المستفزّ كما يحلو للصحافيين أن ينهروا المبدع حتى ينطق بما لا ينوي! فأغضبته لهجتها وقال لي بلكنة دمشقية لم تغيرها مضارب أكسفورد ولا صقيع الإنجليز: (هاي أسئلة كلها "نطوطة"!) يعني تطاول.

لم أقصد بطبيعة الحال أن أتطاول على هامته. بل حرصتُ على دفعه إلى الحديث عن النقاط المثير في حياته وأدبه..

شرحتُ له مبرراتي واعتذرتُ، فاستجاب لإلحاحي على أن أغيـّر الأسئلة.. لكن الحوار لم يتم!



هند بنت محمد 26/05/2008 05:50 PM


http://altofa7a.googlepages.com/9090909g.gif

مثل هذا الحضور يحتاج لأكثر من وقفه
مهلاً لأتعافى من وعكتي الفكريه
وسأعود :)


http://altofa7a.googlepages.com/000000ooooooo.gif



مياسم 26/05/2008 10:28 PM



زَكَريَّا تَامِرْ .. القِصَّة التي تَفْتحُ لَك الأبْوابَ على آخِرِها .. ،
وَ تُشَرِّعْ كلّ المنَافِذْ ..
القِصَّة التي تجعلُك تُقَلِّبُ كلّ الاحتِمالاتْ .. ثمّ تَطوِيْهَا .. ،
الأسلُوبُ السَّاخِرْ/الآسِرْ الذِيْ قَرأتهُ في اقصُوصَاتِهِ كثِيراً يَرُوقُ لِكلِّ بَاحِثٍ عنِ الحرْفِ البَسِيطِ العَظِيْم ،
لا تَزالُ لهُ قِصَّة لمْ تُغادرنِيْ .. أسمَاها " سَنضحك ، سَنضحك كثِيراً " وَ فِعلاً ضَحكنَا ..
مُدْهِشْ هذَا الإنسَانْ .. لَوْ أتَمّيْتَ الحِوارْ ، سَأكُونُ سَعِيدَة لِقِرَاءتِهْ .. :)
.. ..
سُليمَانْ .. هذهِ المقَالاتْ لا تَعبرُنَا .. إنَّهَا تَصْطَفُّ طَوِيلاً في الذَّاكِرَةْ .
سعدتُ بِحُضُورِك .. :coco:


سودة الكنوي 27/05/2008 08:22 PM

الأسعد..
مقال يرسم خطوطا عريضة
تحت اسم لامع في عالم القصة..
راقتني طريقتك في السرد..

قلمك يعرف كيف يشق طريقه على الورق
و يعبَّد المسالك وصولاً إلى الهدف..

هند بنت محمد 30/05/2008 11:01 PM

اقتباس:

أعددتُ أسئلة من الطراز المستفزّ كما يحلو للصحافيين أن ينهروا المبدع حتى ينطق بما لا ينوي! فأغضبته لهجتها وقال لي بلكنة دمشقية لم تغيرها مضارب أكسفورد ولا صقيع الإنجليز: (هاي أسئلة كلها "نطوطة"!) يعني تطاول.

لم أقصد بطبيعة الحال أن أتطاول على هامته. بل حرصتُ على دفعه إلى الحديث عن النقاط المثير في حياته وأدبه..

شرحتُ له مبرراتي واعتذرتُ، فاستجاب لإلحاحي على أن أغيـّر الأسئلة.. لكن الحوار لم يتم!


وليت هذا الحوار تم ياسليمان
شخصيه كهذه نتوق لأن نقرأ لها حوار بأسئله مستفزه كالتي قلت عنها ~_^
لا للتطاول كما قلت
ولكن طبع الكاتب غالبا يتضح من تلك المواقف اكثر من نصوصه التي غالبا يكتبها وهو هادئ ورايق للسخريه :)
يروق لي اسلوبه كثيراً واسلوبك ايضاً في وصف أدبه
شغوفين اكثر لمثل تلك القراءات الثريه أيها الثري :)

سليمان منذر الأسعد 03/06/2008 12:48 PM

مياسم
يبدو أن زكريا أشركنا معاً في سحره المضحك المبكي

سودة
شهادتك الجميلة مدرجة ضمن ما أفتخر به

هند
.... وأسلوبك أيضاً في التعبير عن حفاوة يلجمني لطفها

ليلى العيسى 09/06/2008 12:31 PM

سليمانْ
هذا الحديثُ الّذي رسمتهْ
جعلني .. أتكئُ على غيمةٍ من دهشة
لِمَ رسمتْ .. و لمَ جعلك ترسمْ (زكريا تامر)،!
الفنُ السّاخِرْ .. جميلٌ جدّاً يلامسُ الواقعْ بشكلٍ (مضحكٍ) / (مبكي)!
كان يمكن للحوارِ أن يكون لذيذًا
و أتمنى أن يتحققْ .. و نمارسَ قراءته بلذة،!

تحيَّـة،

ريما 12/06/2008 10:07 PM

لابد لك أن تحاول مرة أخرى سليمان..لابد
فقد تشوقنا لأن نقرأ مقابلة..لم تتم!
فكيف إذاما تمت!:)

رسمت لنا زكريا تامر هنا بدقه ..فشكراً لك

خلود الحسّاني 14/06/2008 05:59 AM

زكريا تامر .. شخص موشى بالإبداع ..

ولنسق حرفك ياسليمان رشاقة تنم عن قدراتك العاليه ..

هذا المقطع من كتابتك (( لذلك كان على أبطاله أن يكونوا حيوانات، حتى يتخفف من مسؤولية تحميل البشر كلاماً أعمق من قدرتهم على تفسيره.. هي حيوانات تنطق وتمشي وتحكم وفق قانون يصوغه تامر على مقاس ثورته... فالحيوان أطوع في يده من إنسيٍّ قد يروق له في غمرة مكره أن يحشر قافية نشازاً في وسط الحكاية ليشوّه تفاصيل الحوار. ))


ذكرني كيف وقفت مطولاً عند النمور في اليوم العاشر وكيف اسقطت النمر على شخصيات كثيره في

حياتنا اليوميه مشهورة ومغموره .. شخصية وعامه ..

ووقفت أكثر عند النهاية حين قال ( فصار النمر مواطناً، والقفص مدينة) لان زكريا وقتها تركنا لأنفسنا ..


ولكم تمنيت أن أجد ( دمشق الحرائق ) لابحر بها .. كما أتمنى كالجميع هنا أن تتم معه الحوار لنقرأه

من خلالك رؤيتك ..

سليمان منذر الأسعد 25/06/2008 10:21 AM

ريما..
سأفعل ما وسعني

ليلى..
السخرية، كالشعر، تتيح للكاتب أن يقفز على الحدود الملوّنة برماديةٍ عجيبة يحلو لكل قارئ أن يلطخّها كما يفهم دون أن يكبد الكاتبَ مشقة التأويل..

خلود..
يثيرني أنك قرأت زكريا بمثل هذا العمق فاستطعت أن تفكي بعض رموزه التي تقرأ على وجوه كثيرة، كان أروعها ما وصلتِ إليه.


الساعة الآن 05:04 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها