إملاءات المطر

إملاءات المطر (http://www.emlaat.com/vb/index.php)
-   حرائـر غيمتي (http://www.emlaat.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   دعوني وشأني ..! (http://www.emlaat.com/vb/showthread.php?t=3729)

ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 05:35 AM



الأحدُ [ أصغرُ ] الأيام ..

لـ ذلكَ أعفوهُ عن العمل ..!


ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 05:37 AM



قبلَ سنينَ من الآن ..

أوقفتني امرأة ٌ في الطريق ِ المؤدي إلى الوادي ..

وقالت لا تبكـِ ؛ سـ تشعرُ بـ وخز ٍ بسيط ..

ثمّ رفعتْ ذراعي قليلاً ومسحتهُ بـ منديل ٍ مبلول ..

وحقنتني ..!

الجرحُ كانَ ضئيلاً ..

كانَ صغيراً لـ درجةِ أنني انتظرتُ خروجَ نملةٍ منه ..!

في المساءِ انتفخَ ذلكَ الجزءُ من يدي ..

وتذكرتُ كلامَ المشرفة :

" الماءُ الذي تسكبهُ عليكَ تشربهُ قدماك ..

لكنكَ كـ شجرةٍ متعفنةٍ لا تنضجُ ولا تكبر "

وقلتُ :

الآنَ عرفتُ لمَ تضخمَ الجرح ..!

كنتُ أنتظرُ أياماً كثيرة ً لـ تطولَ ذراعي ..

وكنتُ أقيسها يومياً بـ خطٍ مرسوم ٍ على الجدار :

أقفُ على يديّ مُعَلِقاً في الهواءِ جسدي ..

وأنظرُ إلى الخط ّ وذراعي ..

لم تطل يدي أبداً ..!

ولـ ذلكَ قررتُ أن أبحثَ عن المرأة قربَ الوادي ..

انتظرتها طويلاً حتى غابت الشمس ..

وندمتُ على رميي الشمسَ في الحاوية ..!



ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 05:37 AM



كانَ النهارُ هادئاً ..

والعصفورُ الذي أستفيقُ على صوتهِ لم يأتِ ..

لـ ذلكَ نمتُ طويلاً ..

طويلاً جداً ؛ مدة ً تكفي :

لـ قطع المسافةِ حولَ رأسي مرتين ..!



ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 05:42 AM



امتلكتُ صندوقاً موسيقياً ..

أرسلهُ لي صديقي ..

كنتُ لا أستطيعُ فتحهُ كلّ الوقت ..

فـ قد كانَ يُزعجُ طفلَ الممرضة ..

والذي حاولَ كثيراً أن يكسره ..

الجميلُ فيهِ أنهُ صغيرٌ لـ درجةِ وضعهِ في جيبي ..

كانت الموسيقى التي تخرجُ منهُ رائعة ..

أشعرُ معها بـ طعم ٍ لـ كلّ شيء :

الهواءُ " منديلٌ معطر " ..

الماءُ " شابة ٌ لطيفة ٌ كانت تعتني بي " ..

البردُ " هواءٌ خائفٌ حتى أصبحَ أزرقاً " ..

المدينة ُ بـ رمّتها " حصانٌ نائم " ..

وأعرفُ [ طعمَ الحصان ] ..!

مرة ً كادَ يدهسني حصانٌ بـ حافريهِ الأماميين ..

وحينَ سقطتُ ..

وكانَ هوُ " منتصراً " يركضُ في الهواء ..

رجعَ إلى الوراء ..

وجعلَ ينظرُ لي بـ عينيهِ الكبيرتين ..

في بادئ الأمر ِ ظننتُ عينيهِ :

زيتونتان ِ أهملهما مزارعٌ فـ جعلتْ تكبرُ وتكبر ..

لـ ذلكَ لعقتُ عينهُ فـ اهتز رأسهُ قليلاً ..

حينها أدركتُ أنّ الحصانَ طعمهُ " عنيد " ..!




كلّ الأشياءِ كنتُ أعرفُ طعمها ..

وحينَ أسمعُ الموسيقى ..

أعرفُ شكلها أيضاً ..

إلا الملبّس ..

فـ الموسيقى يا صديقي :

لا تعرفُ أيضاً شكلَ الملبّس ..!



ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 11:36 PM



أستخدمُ عقلي الصغير جداً لـ أتذكرَ الحروف ..

وأتذكرُ الكلماتِ التي كنتُ أقرؤها ..

في صغري كانت الكلماتُ أسهل ..

إذ حينما لا أنطقها بـ الشكل الصحيح ِ :

لا يحدثُ شيء ..!

لكنني كبرتُ الآن ..

وأصبحَ ما أنطقهُ خطأ ً هوَ سببٌ وجيهٌ لـ " العلية " ..

وعرفتُ ذلكَ حينما أخطأتُ وقرأتُ :

الـ " ورد " " قرد " ..

وظنت المشرفة ُ أنني أهزأ بـ اسم طفلها ..!


ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 11:38 PM



كانَ في وُسعي قضاءُ [ الليل ِ ] هكذا ..

الكلماتُ التي أتمتمُ بها لـ [ الليل ] لم تعد مهمة ..

كانَ صديقي الجديد هذا قربَ الموقدِ دائماً ..

لم يعُد يتحدثُ معي ..

مرة ً شكوتُ ما يحدثُ لـ الشجرةِ العجوز ..

أخبرتني أنني كبرت ..

وتغيّرت لغتي ..

أريدُ أن أعودَ صبياً صغيراً ..

أريدُ أن أتحدثَ مع الأشياء ..

فكرة ُ حبس نفسي داخلَ المشرفةِ لم تجدِ ..

فـ حينما شاغبتُ وشاغبتُ وشاغبت ..

ظننتُ أنها سـ تحبسني ..

لكنني اكتشفتُ أنها لم تعد قادرة ً على ذلك ..

أو لم تستطع إلا مرة ً واحدة ً معَ الرجل ..

خابَ ظني كثيراً ..

وأصبتُ بـ إحباطٍ جعلني عازفاً عن الأكل ..

قميصي الأحمرُ اتسخَ كثيراً ..

لم يعُد يُهمني أن أكونَ عارياً بعد ..

أن أغسلَ ملابسي لـ نهار ٍ كامل ..

أو لـ مساءٍ ناقص ..

[ الليلُ ] ؛ والذي لم يعُد يتحدثُ معي ..

غادرَ الميتم ..

وبقيتُ وحيداً والموقدُ القديم ..

الأشياءُ حينما تكبرُ تفقدُ قيمتها ..

تفقدُ قدرتها على التحدثِ معك ..

الموسيقى حينما كبرت ..

صارت تـُعطيني طعماً مختلفاً عما كنتُ أعرف ..

ذاكرة ُ الموسيقى اهترأت ..!



ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 11:39 PM



طفولتي كانت بسيطة ..

لـ درجةٍ تعجزُ معها ذاكرتي :

أن تأتي بـ تشبيهٍ بلاغي ٍ واحد ..!


ماجد عبد الرحمن 03/04/2010 11:40 PM



هذا [ اليومُ ] الجاثمُ على صدري ..

وَ [ الغدُ ] المحذوفُ من الحكاية ..

هذا [ المساءُ ] الأحمق ..

[ الجرحُ ] الغائر ..

[ الوترُ ] المقطوع ..

هذا يا صديقي ما أجدهُ دائماً ..






الميتمُ [ لعنة ٌ ] قامَ بها إنسانٌ غبيّ ..

سجنُ أطفال ٍ بـ مسمّىً بريء ..

يا صديقي ؛ فـ انتشلني من هنا ..

المشرفة ُ ؛ دودة ٌ تنخرُ قواي ..

المشرفة ُ ؛ أمٌ لا تمارسُ وظيفتها بـ عدل ..

الميتمُ ليسَ مبنىً ذا برجين ..

بل [ حمارٌ ] واقفٌ بـ أذنيهِ الطويلتين ..

هذا الصوتُ الخارجُ من الموقد ..

والهمسُ الذي يلجُ العلية َ :

من هواءٍ ضلّ الطريقَ إلى رئتيّ ..

هذا كلهُ يجعلني أتكلمُ وحيداً ..

وأرسمُ طفلاً بـ أسنانَ حادة على الحائط ..

وأنا أرى فكّ أحدهم موشوماً على ذراعي ..

أنا أذوي يا صديقي ..

وأضعفُ تدريجياً ..

وحينَ أريدُ أن ألهو قليلاً :

أضعُ كلتا يديّ في كم ٍ واحد ..

وأصافحُ اليدَ الأخرى في الهواء ..!



ماجد عبد الرحمن 04/04/2010 05:56 AM



اليومُ الأولُ خارجاً بعدَ ثلاثةِ أسابيعَ من " العلية " ..

الهواءُ رطبٌ جداً ..

والمكانُ لم يتغير ..

عرفُ الديكِ كـ ما أعرفهُ منتصباً ..

كنتُ أتعجبُ من أنّ الديكَ لا يصيحُ خلالَ الظهر ..

وحينَ ألحقُ وراءهُ لا يعرفني ..

بل يهربُ مختبئاً عني في أماكنَ ضيقة ..

مشيتهُ التي يسبقهُ فيها رأسهُ مضحكة ..

لكنهُ لطيفٌ رغمَ هذا ..

مرة ً أوشكتُ على الإمساكِ به ..

وحينَ اقتربتُ كثيراً سقطتُ ..

فـ جاءَ واعتلى ظهري ..

وأخذ يصيح ..

خرجت المشرفة ُ على صياحهِ الذي أزعجها ..

فـ وجدتني ملقىً على الأرض بـ جرح ٍ في ساقي اليُسرى ..

أخذتني المشرفة ُ ووبّختني طويلاً ..

وبعدَ أن نزفَ الجرحُ لـ فترةٍ ترضيها ..

ضمّدتهُ بـ انزعاج ..

وأنا أنظرُ بـ تمعن ٍ لـ يديها المرتجفتين ..

الدمُ الخارجُ مني لم يكن أخضراً ..

أو أحمرُ جداً ..

كانَ دمٌ بريءٌ لـ درجةِ أنني تخيلتُ :

أنهُ سـ يرفعُ يديهِ في السماء استسلاماً ..!






الديكُ الذي أخبرَ المشرفة َ عن جرحي ..

الذي نبّهها عن طفل ٍ لا أمّ له ..

لا أبٌ يحملهُ على كتفيهِ ويركض ..

لا أخوة ٌ يتشاقى معهم ..

ويتفقُ معهم على سرقةِ تفاحةٍ من بابِ دكان ٍ مُغلق ..

ذلكَ الديك ..

كانَ وفياً جداً ..

لـ درجةِ أنهُ صارَ يوقظني بدلاً من العصفور ..!



ماجد عبد الرحمن 04/04/2010 05:57 AM



الأيامُ لا تمضي سريعاً ..

بينما المشرفة ُ تكبرُ في السنّ ..

وباتَ يصدرُ صريرٌ حينما تتحرك ..

أو حينما تتحدث ..

كـ أنّ فمها بابٌ خشبيّ قديم ..

وكـ أنّ مفاصلهُ اهترأت ..

" وأنا تعبتُ كثيراً من ترديد : أنفها لم يُصبح طويلاً "

قالت بـ صوتٍ هادئ :

يوماً ما سـ تكونُ حُراً ؛ لكنّ ذلكَ اليوم بعيد ..

ليسَ وأنا هنا ..!

امتعضتُ كثيراً ..

وقطبتُ جبيني بـ قوة ..

أغمضتُ عينيّ وصرخت :

أنتِ امرأة ٌ حلـّت عليها لعنة ٌ قديمة ..!

حينها ؛ وبـ برودٍ شديدٍ صفعتني ..

صفعتني لـ أستفيق من " تخيلاتي " ..!




الساعة الآن 02:12 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها