المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموضوعية وقضية القديم والجديد .


الثاقب
24/12/2009, 05:41 PM
بعد التحية ..
نردد دائما مصطلح "الموضوعية" وندعي دائما أننا موضوعيون وننعت بعض ممن حولنا بأنهم غير موضوعيين ..!
وسأتحدث عنها بعد أن أذكر رأيي حول "قضية القديم والجديد" التي تشاغل البعض بها وخصوصا في مجال الأدب بشكل عام ..
والحقيقة تدور القضية في نظرة الناس حول القديم والجديد والانطباع الذي يحدث عند الشخص الناظر في القديم أو الجديد
والحكم عليه إما إيجابا أو سلبا ..
والمقارنة بينهما من حيث القيمة والجمال , وتفضيل أحدهما على الآخر ..
بعد أن عرفنا سبب ظهور هذه القضية وانشغال البعض بها أعرج إلى "الموضوعية" التي ترتبط ارتباطا شديدا بها, والموضوعية هي الحيادية المطلقة والحكم على الشيء دون تأثير يلحق بهذا الحكم , كالانطباع الأول أو ثقافة معينة أو معتقد ديني أو عرق أو غير ذلك ..
فهل الموضوعية موجودة عند شخص وغائبة عند شخص آخر ؟!
أم موجودة عند الكل ؟!!
أم غائبة عند الكل ؟؟!!
أم غير ذلك ؟!!
ودائما ما نقول هذا إنسان موضوعي , وذلك ليس موضوعيا !!
وهذا القول أو الحكم الذي أصدرناه على البعض هل هو موضوعي ؟!!!
بصراحة هذه الأسئلة مهمة جدا لأن الشخص عندما يحكم يظن أن حكمه هو الصحيح , ولكن أحدا آخر سيرى أن حكم ذلك الشخص ليس موضوعيا !!
وبالتالي أهناك معيار نستطيع به معرفة هذا الإشكال ؟!!
وإن وُجد هذا المعيار فهل يستطيع الكل استخدامه بالطريقة الصحيحة ؟!!
وهل هناك شروط معينة تستلزم وجودها عند الشخص الذي يريد أن يستخدم هذا المعيار بشكل يمنعه من الوقع في الخطأ ؟!!
بصراحة الموضوع فيه من التعقيد , والأسئلة تكثر ولكن نحاول أن نبسطها لتظهر بشكل أوضح نسبيا لدى القارئ ..
هناك علماء وأدباء كثر حاولوا جاهدين بأن يُصبحوا موضوعيين ولكنهم في الحقيقة لم يصلوا إليها ..
يريدون أن يحكموا على القضايا العلمية في شتى المجالات ووصفها بطريقة منهجية موضوعية حيادية ليصلوا إلى النتائج الأكثر دقة والأقرب إلى الحقيقة ..
ولكنهم رغم ذلك لم يصلوا إليها, فترى من تؤثر عقيدته على حكمه , وآخر عرقه , وآخر انطباعه الأول الغير مفسر وغير ذلك ...
إذا هل هي موجودة عند أحد وغير موجودة عند آخر ؟!
في الحقيقة هي ليست موجودة عند أحد ..
سيتبادر سؤال لدى القارئ فور قراءته هذا الحكم , وهو مادامت ليست موجودة عند أحد فلماذا نقول عن شخص : هذا موضوعي ؟!!
ونقول عن آخر : ذلك ليس موضوعيا ؟!!
والإجابة على هذا السؤال هو نصدر هذا الحكم لأننا لمسنا من الشخص الموصوف بالموضوعية نوعا من الإقناع , ولمسنا من الشخص الموصوف بعدم الموضوعية عدم الإقناع !!
فعندما يُقنعنا شخص ما نقول عنه موضوعي , وعندما لا يُقنعنا نقول غير موضوعي ..
إذا فهل الإقناع أثر للموضوعية ؟!!
حقيقة الإقناع يدل على أن الشخص المقنع اقترب من الموضوعية , ولكنه لم يصل إليها ..
فباستطاعتكم أن تتخيلوها في الرسم البياني التالي :



<<ـــــــــ الموضوعية ـــــــــــــــــ جزء أكبر من الموضوعية ــــــــــــــ جزء من الموضوعيةــــــــــ#


فالنقطة التي تشير إلى ( الموضوعية ) في أعلى السهم لا يصل إليها أحد
وليست موجودة عند البشر إطلاقا , وحده الله عز وجل من يمتلكها .
أما البشر فهم يمتلكون أجزاء منها في النقطتين الأخريتين في السهم وما بينهما, وقبل النقطة العليا, وقبل النقطة السفلى, فتجد أن البعض يتذيل هذا السهم فلا يمتلك إلا شيئا بسيطا لا يكاد يُذكر, والبعض يقترب من النقطة الأعلى ولكنه لا يصلها ..
بعد أن بينا الموضوعية نذكر علاقتها بالقديم والجديد ..
من يقترب من النقطة الأعلى في السهم يكون حكمه غالبا حياديا فلا تؤثر فيه هذه القضية , بمعنى عندما يُسأل عن رأيه حول شيء قديم وشيء جديد من نفس الجنس فلن يتعصب لأحدهما ويقبله ويرفض الآخر فقط للحداثة والقدم ..
بل سيكون منصفا بعض الشيء ويعطي كل شيء حقه ..
أما من كان نصيبه من العلو في ذلك السهم يسيرا فقد يتعصب للقديم دون سبب مقنع بل فقط لأنه قديم !!
هنا يأتي سؤال مهم وهو لماذا ذلك الذي نصيبه من العلو في السهم منخفضا يتعصب للقديم ولم يتعصب للجديد ؟!!
بصراحة لم أجد إجابة مقنعة لهذا السؤال , فالنفس بطبيعتها تفضل القديم على الجديد هكذا ظنا منها أنه الأفضل !!
لماذا ؟!!
لا أعلم , هي طبيعة في الناس عموما ..
كم من شاعر مثلا حُورب ووصف بالفشل في وقته من قبل معاصريه , وعندما أتت أجيال لاحقة أصبحت الناس تتغنى به وتصفه بالشاعر الفحل !!
تعلمون هذا جيدا , فالمتنبي مثلا أُلفت فيه كتبا في عصره تنقده وتذكر عيوبا كثيرة البعض منها ليست مقنعة !!
وأبو تمام كذلك فلأنه ابتدع كثيرا من الصور الغير مستعملة عند من سبقوه وصفوه بأنه ليس شاعرا !!
وكان إذا أحدهم سمع بيتا جميلا له من شخص ما وأُعجب به وقال : لمن هذا البيت الجميل ؟ فيخبرونه لأبي تمام فيقول : اتركوه سيئ جدا !!!
عندما لم يعلم صاحبه مدحه وعندما عرف بأن صاحبه أبو تمام ذمه !!
فالمسألة إذا تعصب ليس إلا !!
والجاحظ كان يعلم هذا جيدا , فكان في بداياته عندما يكتب شيئا ينسبه لابن المقفع حيث أن ابن المقفع كان من الجيل الذي يسبقه , وذلك بسبب رأي الناس , فالناس عندما تقرأ ما كتبه الجاحظ المنسوب لابن المقفع يكون انطباعهم حول ماكتبه إيجابيا , ولو أنه قال أنا كتبته لذمه الكثير !!
فقط لأنه يعيش بينهم , لا لسبب آخر !!
ومن الأمثلة الحديثة نذكر بدر شاكر السياب حيث عانى كثيرا في حياته وسجن وعندما مات صنعوا له تمثالا !!
وليس هذا فقط في مجال الأدب , بل في جميع المجالات ولكنها أمثلة فقط ..
أتمنى أنني اقتربت من الموضوعية وكان نصيبي جيدا في العلو في السهم من خلال هذا الموضوع البسيط , وأخشى أن أكون متذيلا هذا السهم !!!!

إيمان بنت عبد الله
28/12/2009, 11:11 PM
غالب التجارب الجديدة في عُرفِ العامةِ نشاز !


حتى إذا مضى العمر ، احتفوا بتاريخ المحدث ..!



الثاقب ، شكرًا لهذا الطرح



/



إيمَان

الثاقب
30/12/2009, 07:12 PM
نعم صدقتِ ..
الشكر لكِ إيمان ..

ذكرى بنت أحمد
01/01/2010, 02:52 PM
والقليلُ أيضاً من يفكر بعقلهِ عندَ إصدار الحكم ،
فغالباً تُعتمد الاستشارة ،
أو السمعة القبلية لهذا الشخص !

الثاقب ، طرحك مميز flwr1

الثاقب
03/01/2010, 04:17 AM
نعم هم قلة يا ذكرى ..
كعدد الأوراق الخضراء في فصل الخريف ..
شكرا لكِ ..