المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صـلاة الـذكريــات


جهاد خالد
10/12/2009, 05:42 PM
أطلّت من النافذة على تلك التلّة البعيدة تراقب شروق الشمس ، منظر تشهده كل صباح كأنها المرة الأولى التي تعانق فيها عيناها لون الضوء. أغلقت عينيها لبرهة قصيرة وتنفست شهيقاً عميقاً ثم أفلتته من رئتيها بهدوء يرسم أمارات الراحة على وجهها الوضّاء، وتفتحت أجفانها عن مقلتين تحاولان عبثاً الظهور خلف ستار مترقرق. وبحنان غريب ارتسمت على شفتيها ابتسامة رضا ، أضفت على مظهر الدمع غموضاً أليفاً يحكي مشاعراً غير مُفسّرة.
أحسّت فجأة بكفين دافئتين تلفان كتفيها ، فسرت في جسدها قشعريرة نفض بها جسدها برد الخوف عنها.
ثم جاءها ذلك الصوت الحنون:
- صباح الخير يا ربيع القلب
أجابت في نفسها " أوّاااه كم أعشق رنـة صوتك في قلبي"
وأجابت بصوتها دون أن تلتفت :
- صباح الدفء يا حيـاة الروح-
ألـن نُـفطر اليوم؟!
أطلقت نحو الأفق ابتسامة رقيقة قائلة:
- ألـن تغير هذا السؤال يوماً؟!
ضحك بمرح:
- حتى تغيري طقسكِ المقدس هذا
وسكت لحظة ثم استرسل:
- بت أشعر أن لكِ عند هذه النافذة صلاة مقدسة كل صباح ، فلم يعد يخالجني شكّ في أن أفتح عيني يوما ولا أراكِ واقفة هنا
التفتت إليه أخيرا تحمل إليه ابتسامة كالشفاء للعليل:
- هي كذلك صلاة مقدسة
ضحك مُداعباً :
- لماذا لا تؤدين صلاتكِ هذه عند نافذة غرفتك؟! هل يجب عليّ أن أستيقظ كل صباح لأرى ظهرك!!
رمقته بنظرة طفلة تتعمد إغاظة أحدهم وقالت:
- أنا أفعل ما يحلو لي وقتما يحلو لي أينما يحلو لي ، وحركت طرف لسانها خارجا في حركة طفولية
- ألم تتعلمي في المدرسة أيتها الصغيرة سوى كلمة "يحلو لي" ، وضحك بسخرية مصطنعة لاستفزازها
ويبدو أنه نجح في إغاظتها فعلا ، فاتجهت نحو السرير وأخذت توجه إليه قذائفاً من الوسادات. هرول نحوها وهو يتفادى قذائفها بيديه ، حتى أمسك بيديها ليمنعها من الاستمرار ثم ألقاها بلطفٍ إلى السرير وهو لا يزال ممسكا بمعصميها ويصرخ فيها بشكل تمثيلي وهو يضحك :
- ألن تتوقفي عن شقاوتكِ هذه أبدا! ، قولي أنا آسفة ياسيدي
ضحكت في تحدٍّ وقالت بمكر:
- لست آسفة يا حبيبي
أخذا يتبادلان المشاكسات ويضحكان طويلا ، حتى أفلت يدها وارتمى إلى جانبها كأنما أُنهك .
تأملا سقف الغرفة في صمت كأنما يشاهدان شيئاً استرعى انتباههما حتى قطع ذلك الشرود بصوت جاد قائلاً:
- لماذا تفعلين هذا؟!
رفعت رأسها عن السرير ونظرت إليه بتعجب:
- أفعل ماذا؟!
أجابها وهو مازال ينظر إلى الأعلى:
- لماذا تقفين هنا كل صباح وتذرفين تلك الدمعات ، وترسلين هذه الابتسامة؟!!
أراحت رأسها ثانية وشردت ببصرها إلى الأعلى:
- أخبرتك أنها صلاة-
أنا لا أمزح الآن
- وأنا أيضاً لست أمزح ، أصلي لربي شكرا
- علامَ ؟!
- عليك
التفت إليها بحنان:
- ولماذا تفعلين هذا هنا ، في غرفتي ؟
- لأنني أفعل هذا مذ كنت صغيرا ، هنا ، في غرفتك
سكتت قليلا ثم أردفت :
- كنت آتي هنا كل صباح ، أشهد أشعة الشمس وهي تشرق على كفك الرقيق ، ككف ملاك صغير ، وأرسل دمعات شكري إلى الله ، وأرسل إليك ابتسامات رضاي ، حتى يأتي والدك لينتزعني من شرودي سائلا عن الفطور .
ونظرت إليه وضحكت
ثم تابعت بابتسامة شابها بعض الألم:
- أنت تشبهه كثيرا ، رحمه الله
فقام إليها وقبل رأسها وكفيها وهمس لها في رقة :
- لا حرمني الله إياكِ يا أمي.

ذكرى بنت أحمد
11/12/2009, 02:18 AM
الله يَا جِهَاد :m7:
تَسحَرِين الأبجديّة بينَ يديكِ كثيراً ،
لمستُ في حكاياكِ متاَنة الحِوار / وانتِقالاتِك العصفُوريّة ،
وعَلى الرّغمِ من جمالْ هذهِ الحكاية ؛
والابتسامَة التي تزرعُها بالبدايَة ،
إلا أن الحزن أتى ليُثقِلها ، ويقلبُ أحداثَها تماماً .!

كانتْ النهاية ونتِيجة الصّلاة غيْر مُتوقعَة ، وهذا ما أعْجَبني كثيراً :)
أظنّك ستكونين روائِيّة متفرّدة يا جِهاد ، flower:

لروحكِ جنّة flwr1

همسة :
لا تطيلي الغِياب :blush:

إيمان بنت عبد الله
11/12/2009, 06:11 PM
سباحةٌ متفردةٌ يا جِهاد




آسرة بكلُ معنى




لروحكِ خمائل شَوق



/




إيمَان

جهاد خالد
12/12/2009, 05:32 PM
الله يَا جِهَاد :m7:
تَسحَرِين الأبجديّة بينَ يديكِ كثيراً ،
لمستُ في حكاياكِ متاَنة الحِوار / وانتِقالاتِك العصفُوريّة ،
وعَلى الرّغمِ من جمالْ هذهِ الحكاية ؛
والابتسامَة التي تزرعُها بالبدايَة ،
إلا أن الحزن أتى ليُثقِلها ، ويقلبُ أحداثَها تماماً .!

كانتْ النهاية ونتِيجة الصّلاة غيْر مُتوقعَة ، وهذا ما أعْجَبني كثيراً :)
أظنّك ستكونين روائِيّة متفرّدة يا جِهاد ، flower:

لروحكِ جنّة flwr1

همسة :
لا تطيلي الغِياب :blush:





أبهجتني كلماتكِ كثيرا يا ذكرى
ولكم أرجو أن أكون بعض هذه الذي تحدثتِ عنها
فالرواية يقف بيني وبينها سد منيع أتوق لتجاوزه بيد أنني لا أدري متى يُسمح لي
:)

شكر الله لكِ سروراً ملأتِ بي قلبي flwr1

جوري جميل
12/12/2009, 07:58 PM
العزيزة جهاد.. لم يراودني شكٌ بروعة قلمك أبداً
لكن ما شاهدته هنا عبقرية فذّة في الانتقال والتصوير ونسج الأحداث بطريقة واقعية رومانسية وهادئة..
شاهدتُ ما جعلني أخلع قبعتي احتراماُ لهذه المقطوعة القصصية المختارة .

أبداعِ في اختيار العنوان... خيالك حلق وطار.. فجلب لنا جمالٌ وجمالٌ
فهنيئاً لك سيدتي بعنوانك وبمقدمتك وعرضك والخاتمة ..حيث جاء كلٌ منهم مكملٌ للآخر وجزء لا يتجزأ من القصة

أرجو أن تتقبلي اعجابي بما قرأتُ..